كتاب محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه

وحريملاء والدرعية والعارض المراكز الأولية لدعوة الشيخ.
ولكن من حين أن ظهرت بوادر الحياة في هذه النواحي، وسع الشيخ نطاق دعوته، وكتب رسائل تبليغية إلى علماء البلاد النائية وأمرائها وقضاتها، وحرضهم على قبول دعوته، ولكن قليل من لبى هذه الدعوة في بدايتها، وأما الأكثرون فقد استهزءوا وسخروا فمنهم من رماه بالجهل، ومنهم من زعم أنه ساحر واتهموه باتهامات وافتروا عليه افتراءات، كان الشيخ منزها عنها. ومن أبرز الملبين للدعوة والمؤيدين لها عالم صنعاء المجتهد الأمير محمد بن إسماعيل (م سنة 1182 هـ) ، ولما بلغته دعوة الشيخ أنشأ قصيدة بليغة تلقاها العلماء بالقبول ومطلعها:
سلامي على نجد ومن حل في نجد ... وإن كان تسليمي من البعد لا يجدي
وفي هذه القصيدة مدح للشيخ وثناء عليه، وذم للبدع ورد شديد على عقيدة وحدة الوجود، وأمور أخرى نافعة جدا1
__________
1 لقد نالت هذه القصيدة رواجا عظيما بين دعاة التوحيد من العلماء والطلاب وضاق بها ذرعا أعداء التوحيد في كل مكان وزمان حتى إن أحدهم تصدى للرد عليها فقال قصيدة مطلعها:
سلام بكسر السين لا فتحها نهدي ... لمن حل في صنعا ومن حل في نجد
ولما سمع بها أستاذنا العلامة الدكتور محمد تقي الدين الهلالي- ولم يسمع إلا مطلعها- رد عليها بقصيدة رائعة تحتوي على تسعة وأربعين بيتا. وهذه بعض أبياتها:
سلام بكسر السين في قصفة الرعد ... إلى عابد الأوثان في السهل والنجد
تعمهم طرا وتختص مارقا ... تصدى بلا علم لهجو أولى المجد
وأعني بذا "البيتي" من حل طيبة ... كما درج الشيطان في جنة الخلد
إلى أن وصل إلى ذكر الشيخ محمد عبد الوهاب فقال:
وثانيهما الشيخ الإمام محمد ... بدا في ربى نجد ضياء لمستهد
فجدد دين الله بعد دثوره ... فزال ظلام الشرك والفتنة المردي
بدعوته عادت شريعة أحمد ... إلى عهدها الماضي فيا لك من عهد
وحطم أوثانا وأوجد دولة ... من العرب بعد الضيم والأسر والجهد
فأكرم بها من دعوة أحمدية ... فضائلها جلت من الحصر والعد
قلاها عداة الحق من كل أمة ... وكادوا لها كيدا عظيما بلا حد
وحاربها منهم جيوش كثيرة ... وأبدت من العدوان ما لم تكن تبدي
فأكرم رب الناس بالنصر حزبه ... فولت جيوش البغي بالخزي والطرد
وذى سنة الجبار في كل من بغوا ... على حزبه يمنون بالقصم والرد
(المترجم)

الصفحة 47