كتاب محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه

والقصور من الأمراء والحكام على النواحي، وذلك للحفاظ على مراكزهم وعروشهم1.
ولكن مع كل هذه العقبات والموانع مازال نطاق الدعوة يتوسع أكثر فأكثر، وخرج المطاوعة من الدرعية وانتشروا في بلاد نجد كلها، حتى تجلت سنة محمد بن عبد الله (فداه أبى وأمي صلى الله عليه وسلم) في قلب الجزيرة على الأقل في صورتها الحقيقية.
الوفاة:
توفى الشيخ في شوال أو ذي القعدة سنة 1206 هـ (يونيو أو يوليو سنة 1792 م) بعد ما اشتغل في الدعوة والإرشاد مدة خمسين سنة متوالية. وكان رجلا عجيبا زاهدا
__________
1 ابن غنام 1: 27 , 28 , 142 , 167. وكان أعداء الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوة التوحيد على ثلاثة أنواع: 1- قسم من أدعياء العلم الذين نسوا عهد الله، وتركوا تلك المحجة البيضاء التي تركهم عليها رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم -، فرأوا الحق باطلا والباطل حقا، وغيروا عقائد الإسلام الصافية بالبدع والوثنيات، فرأى هؤلاء عارا عليهم أن يفوز محمد بن عبد الوهاب بهذا الإقبال، وتظهر للناس أباطيلهم. كيف وكان فيه قضاء على مراكزهم وأرزاقهم، وعلى أكاذيبهم التي طالما تبجحوا بها عند العامة والدهماء، وأعلنوا بغير خجل ولا حياء أنهم هم القائمون بأمر الله والمحافظون على دين الله. 2- وقسم آخر من العلماء الذين كانوا أحسن حالا من الذين تقدم ذكرهم، ولكنهم اغتروا بسيل تلك الاتهامات والافتراءات، وتأثروا بما افترى عليه أهل الأطماع والأهواء من الأكاذيب، فلم يتثبتوا في الأمر ولم يحققوا في المسألة، وردوا على الشيخ محمد بن عبد الوهاب واتهموه بكل تلك التهم التي كانت تذاع من قبل المبطلين بدون علم ولا تحقيق. 3- والقسم الثالث هم أولئك الأمراء والحكام الذين كانوا يسيطرون على قريات وبليدات في بلاد نجد وغيرها، فكانوا يتنعمون برغد العيش على حساب الأرامل واليتامى، والملهوفين والضعفاء من رعيتهم، ويعيثون في الأرض فسادا. فرأى هؤلاء أن الدعوة الإسلامية الصحيحة إن بقيت في سيرها فسيأتي يوم من الأيام حتما تطأ فيه خيل محمد بن سعود عروشهم وقصورهم. وهكذا اتفق الأعداء فاستل أدعياء العلم سيوف التكفير والتفسيق والإخراج عن الملة، وجلب أصحاب الدويلات خيلهم ورجلهم، وجرّب كل طاقته وسعى قدر استطاعته في القضاء على دعوة التوحيد، ولكن الله كان بالمرصاد فانتصر الحق وزهق الباطل- ألا إن حزب الله هم الغالبون -. (المترجم) .

الصفحة 52