كتاب محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه

3. إنه اطلع على كثير مما كتبه السائحون والمؤرخون الأوربيون في هذه الدعوة وصاحبها، وعرف موقفهم منها حسب مصالحهم المادية والسياسية، ففتح بابا جديدا للبحث والتحقيق، ودخل فيه، فأتى بمعلومات لا تكاد توجد لدى غيره. وكانت هذه هي المميزات- وكثير غيرها- التي دعتني إلى أن أقدم هذا السفر القيم إلى القارئ العربي. فاستعنت بالله العلي العظيم، وبدأت أترجم الكتاب بالعربية رويدا رويدا حتى أكملته بفضل الله وكرمه.
وسيجد القارئ الكريم في هذا الكتاب سيرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته، وأنها سيرة إسلامية مثالية، ودعوة إسلامية خالصة.
إنها دعوة تحاول أن تعود بالمسلمين إلى الرقي والمجد والازدهار، كما كانوا في القرون الأولى. إنها دعوة دعا إليها جميع الأنبياء والمرسلين وإن محمد بن عبد الوهاب لم يبتدع شيئا من عنده، ولا خرج عن عقيدة المسلمين، التي اتفق عليها أئمة الإسلام كلهم.
نعم- قد كانت هناك شبهات أثيرت حول الدعوة والداعية في أيامها الأولى من قبل ذوي الأهواء والمضلين. وكانت هذه الشبهات والافتراءات قد أضلت كثيرا من المسلمين في البلدان الإسلامية، فوقعوا في شك وارتياب من هذه الدعوة الكريمة.
لكن- والحمد لله- سحب الافتراءات قد تقشعت والظلمات قد تبددت. وقد وضحت الدعوة جلية نقية لكل ذي عينين، وانتشرت رسائلها وكتبها في جميع أنحاء العالم. فما بال بعض الناس لا يزالون يرددون ما ورثوا عن آبائهم ومشايخهم، وقد تبين زيفه وخطؤه.
وأنا أدعو كل من يحمل في قلبه غيرة على الإسلام والمسلمين أن يدرس هذه الدعوة الكريمة التي أيقظت المسلمين، وأن يدفع كل الشوائب العالقة بأفكاره عن هذه الحركة الإسلامية الخالصة. فإن الجهل والضلال لا زالا فاشيين في كثير من طوائف المسلمين. ولا يخفى أن الأمة الإسلامية تمر الآن بمرحلة خطيرة جدا في تاريخها، ونحن بجهلنا وانحرافنا واختلاف كلمتنا نساعد الأعداء أكثر من مكايدهم ومكرهم عرفنا أم لم نعرف. فلنستيقظ من سباتنا ولنراجع أفكارنا ونصححها مستنيرين بنور الكتاب الكريم

الصفحة 8