كتاب نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ت الرحيلي

[أقسام السقط]
ثمَّ إِنَّ السَّقْط مِن الإِسنادِ قدْ:
1- يكونُ واضحاً يَحْصل الاشتراك في معرفَتِه، ككَوْنِ الرَّاوي، مثلاً، لم يعاصِرْ مَنْ رَوى عنهُ.
2- أَوْ يكونُ خَفِيّاً فلا يُدْرِكه إِلاَّ الأئمَّةُ الْحُذّاقُ المطَّلِعون على طرقِ الحديث وعِلل الأسانيدِ.
فالأَوَّلُ: وهُو الواضحُ، يُدْرَكُ بعَدمِ التَّلاقي بينَ الرَّاوِي وشيخِه، بكونِه لمْ يُدْرِكْ عَصْرَه، أو أدركه لكن، لم يجْتَمِعا، وليستْ لهُ منهُ إجازةٌ، ولا وِجَادة.
ومِنْ ثَم، احْتِيْجَ إِلى التَّاريخِ؛ لِتَضَمُّنِهِ تحريرَ مواليدِ الرواةِ ووفِيّاتِهم، وأوقاتِ طَلَبِهِم وارْتِحالِهم.
وقد افْتَضَح أقوامٌ ادَّعَوْا الرِّوايةَ عن شيوخٍ ظهرَ بالتاريخ كذِبُ دعواهم.
[المُدَلَّس]
والقِسْم الثَّانِي: وهو الخَفِيُّ: المُدَلَّس -بفتحِ اللاَّمِ- سُمِّيَ بذلك لكونِ الرَّاوي لم يُسَمِّ مَنْ حَدَّثَهُ، وأَوْهَمَ سماعَه للحَديثِ ممَّنْ لم يحدِّثْه بهِ.
واشتقاقُه مِن الدَّلَسِ بالتَّحريكِ، وهو اختلاطُ الظلام، سُمِّيَ بذلك لاشتراكهما في الخَفَاءِ.
ويَرِدُ المُدَلَّسُ بصيغةٍ مِن صِيَغ الأداءِ تَحْتَمِلُ وقوع اللُّقيّ بين المُدلِّس ومَنْ أَسنَد عنه، ك‍ "عن"، وَكذا "قَاَلَ". ومتى وقَعَ بصيغةٍ صريحةٍ لا تَجَوُّزَ فيها كان كَذِباً.
[حكم رواية المُدَلِّس] :
وحُكم مَنْ ثبتَ عنهُ التَّدليسُ-إِذا كانَ عَدْلاً-: أَنْ لا يُقْبَلَ منهُ إِلاَّ ما صَرَّح فيه بالتحديث، على الأصح.
[المُرْسَل الخفيّ]
وكَذا المرسَلُ الخَفِيُّ، إِذا صَدَرَ مِنْ معاصرٍ لَمْ يَلْقَ مَنْ حدَّث عنهُ، بل بينَه وبينه واسطةٌ.
[الفرق بين المُدَلَّس والمُرْسَل الخفي]
والفَرْقُ بينَ المُدَلَّس والمُرْسَل الخفيِّ دقيقٌ، حَصَل تحريرُه بما ذُكِر هنا: وهو أَنَّ

الصفحة 221