كتاب نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ت الرحيلي

ولهذا كان مذهب النسائي أن لا يُترَكُ حديثُ الرجلِ حتَّى يجتمعَ الجميعُ على تَرْكِهِ.
وَلْيَحْذَر المتكلمُ في هذا الفنِّ مِن التَّساهُلِ في الجَرْحِ والتَّعديلِ؛ فإِنَّهُ إنْ عدّلَ بغيرِ تثبتٍ كانَ كالمُثْبِتِ حُكْماً ليسَ بثابتٍ، فَيُخْشَى عليهِ أَنْ يَدْخل في زُمرةِ مَن روى حَديثاً وهُو يُظَن أَنَّهُ كَذِبٌ، وإِنْ جَرَحَ بغيرِ تحرزٍ أَقدَمَ على الطَّعنِ في مسلمٍ بريءٍ مِن ذلك، ووَسَمه بِمِيْسَمِ سوءٍ يَبْقى عليهِ عارُهُ أَبداً.
والآفةُ تَدْخل في هذا تارةً مِن الهَوى والغرضِ الفاسدِ. وكلامُ المتقدِّمينَ سالِمٌ مِن هذا، غالباً. وتارةً مِن المخالفةِ في العَقائدِ، وهُو موجود كثيراً، قديماً وحَديثاً.
ولا ينْبَغي إِطلاقُ الجَرْحِ بذلك، فقد قدَّمنا تحقيقَ الحالِ في العملِ بروايةِ المبتدعة.
[تقديم الجرح على التعديل]
والجَرْحُ مقدَّمُ عَلى التَّعْديلِ، وأَطلقَ ذلك جماعةٌ، ولكنَّ، محلُّهُ إنْ صَدَرَ مُبَيَّناً مِن عارفٍ بأسبابه؛ لأنَّه إِنْ كانَ غيرَ مُفَسَّرٍ لم يَقدح فيمن ثبتت عدالتُهُ، وإنِ صدَرَ مِن غيرِ عارفٍ بالأسبابِ لم يُعتبر بهِ، أيضاً.
فإنْ خَلا المَجْروحُ عَنِ تعديلٍ قُبِلَ الجرحُ فيهِ مُجمَلاً غيرَ مُبَيَّنِ السَّببِ، إذا صدَر مِن عارفٍ على المختار، لأنه إذا لم يكُنْ فيهِ تعديلٌ فهو في حَيِّزِ المَجهولِ، وإعمالُ قولِ المجرِّح أَوْلى مِن إِهمالِه.
ومالَ ابنُ الصَّلاحِ في مثلِ هذا إلى التوقُّفِ فيهِ.
الأسماء والكنى
أهميته
...
فصل: [الأسماء والكنى]
ومِن المُهِمَّ، في هذا الفنِّ:
معرفُةُ كُنى المسمَّيْنَ ممَّن اشْتُهِرَ باسمِهِ ولهُ كُنيةٌ لا يُؤْمَن أن يأتي في بعض الروايات مَكْنِيّاً؛ لئلاَّ يُظَنَّ أَنّه آخَرُ.
وَمعرفةُ أَسْمَاءِ المُكَنيّن، وهو عكس الذي قبله.
وَمعرِفةُ مَن اسمُهُ كُنْيَتُهُ، وهُمْ قليلٌ.

الصفحة 258