__________
= وقد حقق الإمام ابن حجر رحمه الله فيما ذهب إليه في هذه المسألة تحقيقاً رَصِيناً، ورأى في هذه القضية فرقاً بين هذه المصطلحات في بعض الجوانب، ولكنه هو الآخر قد استخدم-أحياناً-بعض العبارات الموهمة التي بسببِ إيهامها وقع الخلاف.
فكلمة: علم هي على معناها اللغوي المعهود. وعندما تستخدم في هذا المعنى لا يحصل فيها إيهام، ولكن عندما تستخدم على مصطلحٍ آخر ليس معروفاً، أو ليس ملحوظاً عند بعض الناس، يقع الإيهام ويقع الخلاف.
وقد رأيتُ كثيراً ممن تكلموا في هذا الموضوع قالوا: حديث الآحاد لا يفيد العلم، وقال الآخرون: بل يفيد العلم، فلما تتبعتُ الأمر وجدتُ أن:
1- العلم -بالنظر إلى الدلالة القطعية وعدمها-نوعان: فمنه العلم القطعي اليقيني، والنوع الآخر العلم الذي يَثْبت بأغلب الظن.
2- وينقسم العلم -بالنظر إلى طريقة التوصل إليه-إلى نوعين: العلم الضروري، وهو الذي لا يحتاج إلى بحثٍ، ولا إلى تتبعٍ، والعلم النظري الذي يتوقف التوصل إليه على البحث والنظر.
وبهذا تكون عندنا الأقسام الآتية:
1- العلم اليقيني القطعي الضروري.
2- العلم اليقيني القطعي النظري.
3- العلم الظني النظري.
وإذا استخدمنا هذه المصطلحات الدالة على هذا التحديد فإن المراد عندئذ سيكون واضحاً، وقد يتبين من خلاله أنه لا خلاف بين كثير من المختلفين في هذه الأمور، ولا يَبْعد أن يكون المتواتر درجاتٍ في التمكن من التواتر، كما أن الآحاد الثابت درجاتٌ في التمكن في صفة الثبوت.
وفي ضوء ذلك يمكن أن ينقسم الخبر الذي يدلّ على القطع واليقين إلى قسمين: =