__________
= فهذا يفيد العلم اليقيني النظري.
حكم حديث الآحاد:
من المُسَلَّم به عند جمهور المسلمين أن الحديث إذا صح، قامت به الحجة، دون الالتفات إلى طريق التوصل إلى صحته وثبوته، ودون التفات إلى درجة الثبوت، المهم أن يكون ثابتاً، فالتواتر ليس شرطاً للعمل بالرواية، وإنما الصحة هي الشرط، والتواتر قدرٌ زائد على الصحة، وله فوائد ولا شك، وزيادةُ تمكنٍ في الثبوت، ولكن تلك الزيادة ليست أمراً متوقفاً عليه العمل بالرواية.
وبهذا يتبين لنا أن الحديث إذا صح قامت به الحجة، سواء في أمر العقيدة أو في أمر الشريعة، وإنما رَدَّهُ مَنْ رَدَّهُ في العقيدة بسببِ الخلط في دلالة المصطلحات المستخدَمة لدى مَنْ تكلم في مصطلح الحديث؛ فعبَّرَ بنفي دلالة حديثِ الآحاد على العلم؛ فرتَّبوا على ذلك المصيرَ إلى ردِّه في العقيدة احتجاجاً بكون العقيدة يجب أن تكون يقيناً، وقالوا: لا يُبْنى اليقين على الظن.
والجواب: هو أن العلمَ المنفيَّ دلالةُ الحديث الآحاد عليه هنا، ليس هو مطْلق العلم، وإنما هو العلم القطعي اليقيني، ونحن نقول: هذا اليقين والقطع ليس شرطاً في ثبوت الرواية للعمل بها، سواءٌ في العقيدة أو في الشريعة.
وما قالوه، واحتجوا به: من أن اليقين لا يُبْنى على الظن مبناه على الخطأ في فهم المقصود بقول بعض المحدثين: إن حديث الآحاد لا يفيد العلم وإنما يفيد الظن، إذ حملوا الظن هنا على مجرد الظن الذي لا يدل عليه دليل، ولا يصل إلى درجةِ الثبوت، وليس ذلك هو المراد، بل لو كان مراداً عند أولئك لكان مردوداً بحكم الواقع ودلالة أدلة الشرع التي جاءت بإيجاب العمل بخبر الواحد إذا صح، دون قيدٍ أو شرط.
إنّ من الواجب التسليم بأنّ حديث الآحاد الثابت يدل على العلم، أو يفيد العلم، ولكن المسألة مسألة مصطلحات يجب أن تُدقَّق وتُحرّر. =