كتاب معرفة علوم الحديث للحاكم

سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَدِّيَ يَقُولُ: جَالَسْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيَّ أَرْبَعَ سِنِينَ، فَلَمْ أَسْمَعْهُ طُولَ تِلْكَ الْمُدَّةِ يَتَكَلَّمُ فِي غَيْرِ الْعِلْمَ إِلَّا أَنِّي حَضَرْتُهُ يَوْمًا، وَقِيلَ لَهُ عَنْ أَبِيهِ إِسْمَاعِيلَ: وَمَا كَانَ يَتَعَاطَاهُ لَوْ وَعَظْتَهُ أَوْ زَبَرْتَهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: §«أَنَا لَا أُفْسِدُ مُرُوَّتِي بِصَلَاحِهِ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَضَائِلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيَّ وَمَنَاقِبُهُ كَثِيرَةٌ، فَإِنَّهُ إِمَامُ الْحَدِيثِ بِخُرَاسَانَ، وَأَمَّا كَلَامُهُ فِي فِقْهِ الْحَدِيثِ فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُمْكِنُ ذِكْرُهُ، وَمُصَنَّفَاتُهُ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مَشْهُورَةٌ، وَلَعَلَّهَا تَزِيدُ عَلَى سِتِّ مِائَةِ جُزْءٍ عِنْدَنَا مِنَ الْمَسْمُوعَاتِ مَا يَزِيدُ عَلَى مِائَةِ جُزْءٍ
§وَمِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحَافِظَ غَيْرَ مَرَّةٍ يَذْكُرُ أَرْبَعَةً مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ رَآهُمْ، فَيَبْدَأُ بِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ
وَسَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَأْمُونَ الْمِصْرِيَّ الْحَافِظَ، يَقُولُ: «§خَرَجْنَا مَعَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى طَرَسُوسَ سَنَةً لِلْغَدَاءِ، فَاجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ، وَاجْتَمَعَ مِنَ الْحُفَّاظِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ مِرْبَعٌ، وَأَبُو الْأَذَانِ وَكُلَيْجَةُ وَغَيْرُهُمْ، فَتَشَاوَرُوا مَنْ يُنْتَقَى لَهُمْ عَلَى الشُّيُوخِ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ وَكَتَبُوا كُلُّهُمْ بِانْتِخَابِهِ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَأَمَّا كَلَامُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى فِقْهِ الْحَدِيثِ فَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَمَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ السُّنَنِ لَهُ تَحَيَّرَ فِي حُسْنِ كَلَامِهِ، وَلَيْسَ -[83]- هَذَا الْكِتَابُ بِمَسْمُوعٍ عِنْدَنَا وَمَعَ مَا جَمَعَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنَ الْفَضَائِلِ رُزِقَ الشَّهَادَةُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ

الصفحة 82