كتاب معجم المعاجم (اسم الجزء: 1)

معاجم المذكّر والمؤنّث
ميّز الأقوام في لغاتهم بين الجنسين فما وضعوا لهما من الأسماء وفيما أوقعوا عليهما من الصفات بعلامات تميز الذكر من الأنثى، وكان ذلك شأن العرب في لغتهم حين وضعوا العلامات التي تفرق المؤنثات من المذكرات.
والتبس أمر التذكير والتأنيث في العربيّة أحيانا، وأشكل مرارا، فاجتهد النحاة في أن يقعّدوا له قواعد تضبطه فضبطوا بما قعّدوا أشياء وأفلتت منهم أشياء أصبح التعويل فيها على السماع والرواية، وظلّ المتكلّم والكاتب كلاهما عرضة لأن يخطئ فيذكر في موضع التأنيث أو يؤنّث في موضع التذكير إلّا من اعتصم بكمال المعرفة وسعة الرواية.
فلأجل التحوط من الخطأ الذي يعرض للناس فيما يذكّر أو يؤنّث أو لتقويم ما كانوا قد وقعوا فيه من ذلك ألّف اللّغويّون كتب المذكّر والمؤنّث وقاية أو علاجا من تلك الأخطاء الواقعة أو المتوقّعة.
وكتب المذكّر والمؤنّث هي كتب لغة حقا، وهي أوعية مفردات صدقا، وهي إذا اختلطت بمسائل من النحو أو من الصرف أو من الرسم أحيانا فتلك هي القليل، والمادّة اللّغويّة هي الكثير، وإذا كان الأمر فيها كذلك فهو ما صحّح عندي أن أدرجها في المعاجم بعامّة.
وأمّا تصنيفي إيّاها ضمن معاجم الأبنية فقد فعلته لأن طائفة من المؤلّفين في المذكّر والمؤنّث قد اعتمدوا على الأبنية فيما حشوا به مؤلّفاتهم من المذكّرات والمؤنّثات كما هو صنيع ابن سيدة في أبواب المذكّر والمؤنّث من مخصّصه، وفعل ذلك من قبله الفراء وابن الأنباري، وهم عدّدوا أيضا الكلم التي تأنّثت بألف التأنيث الممدوة أو بألف التأنيث المقصورة، والقصر والمد كلاهما من جملة بناء الكلمات، فما فعلته تلك الطائفة في تدوين المذكّرات والمؤنّثات هو الذي سوّغ عندي إدخالها في معاجم الأبنية بحكم التغليب.
[1068] المذكّر والمؤنّث لأبي زكرياء يحيى بن زياد بن عبد اللّه الديلمي الملقّب بالفراء المتوفى سنة 207 ه.
نسبه إليه الأزهري في مقدّمة «التهذيب» وابن النديم في «الفهرست» وياقوت في الإرشاد، والسيوطي في البغية، والداودي في طبقات المفسّرين، وخليفة في كشف الظنون، والبغدادي في هديّة العارفين.
وهو أقدم كتاب عرف في موضوع التذكير والتأنيث، وكان الفراء قد أملاه على تلامذته سنة 204 ه، ورواه عنه تلميذه محمّد بن الجهم، وعن ابن الجهم يرويه أبو بكر أحمد بن محمّد بن العبّاس ابن مجاهد المقرئ، وعنه يرويه أبو سعيد السيرافي.
عثر عليه لأوّل مرّة بمكتبة المدرسة الأحمديّة بحلب ضمن مجموع مخطوط يحتوي عليه وعلى عديد من الرسائل، وعن مخطوطته هذه طبعه الأستاذ مصطفى أحمد الزرقاء سنة 1345 ه ومعه مختصر كتاب الوجوه في اللّغة للخوارزمي، وكفاية المتحفّظ لابن الأجدابي.
ثم وقف الدكتور رمضان عبد التوّاب على مخطوطة ثانية منه بمكتبة تيمور، وعليها وعلى مطبوعة الزرقاء اعتمد في إصدار طبعة محقّقة له أخرجتها المطبعة سنة

الصفحة 264