كتاب معجم المعاجم (اسم الجزء: 1)

كتب اللهجات
كانت العرب في جزيرتها تتكلم لهجات شتى تدخل تحت اسم العربية التي تعتبر أما واحدة لجميع تلك اللهجات التي تحدث عنها ابن فارس في «الصاحبي» فقال:
«اختلاف لغات العرب من وجوه:
أحدها - الاختلاف في الحركات كقولنا: نستعين ونستعين بفتح النون وكسرها، قال الفراء: هي مفتوحة في لغة قريش، وغيرهم يقولونها بكسر النون.
والوجه الآخر - الاختلاف في الحركة والسكون مثل قولهم: معكم ومعكم، أنشد الفراء:
ومن يتق فإن اللّه معه ... ورزق اللّه مؤتاب وغاد

ووجه آخر - وهو الاختلاف في إبدال الحروف نحو أولئك وأولالك، أنشد الفراء:
أولا لك قومي لم يكونوا أشابة ... وهل يعظ الضليل إلا أولالكا

ومنها - قولهم: أن زيدا وعنّ زيدا.
ومن ذلك - الاختلاف في الهمز والتليين نحو مستهزؤون ومستهزون.
ومنه - الاختلاف في التقديم والتأخير نحو صاعقة وصاقعة.
ومنها - الاختلاف في الحذف والإثبات نحو استحييت واستحيت، وصددت وأصددت.
ومنها - الاختلاف في الحرف الصحيح يبدل حرفا معتلا نحو اما زيد وايما زيد.
ومنها - الاختلاف في الإمالة والتفخيم في مثل قضى ورضى، فبعضهم يفخم، وبعضهم يميل.
ومنها - الاختلاف في الحرف الساكن يستقبله مثله، فمنهم من يكسر الأول، ومنهم من يضم، فيقولون:
اشتروا الضلالة، واشتروا الضلالة.
ومنها - الاختلاف في التذكير والتأنيث، فإن من العرب من يقول: هذه البقر، ومنهم من يقول هذا البقر، وهذه النخيل، وهذا النخيل.
ومنها - الاختلاف في الإدغام نحو: مهتدون ومهدون.
ومنها - الاختلاف في الإعراب نحو: ما زيد قائما، وما زيد قائم، وان هذين، وان هذان، وهي بالألف لغة بني الحارث بن كعب، يقولون في كل ياء ساكنة انفتح ما قبلها ذلك.
ومنها - الاختلاف في صورة الجمع نحو أسرى وأسارى ... ».
إلى أن قال: «وكل هذه اللغات مسماة منسوبة إلى أصحابها، وهي وإن كانت لقوم دون قوم فإنها لما انتشرت تعاورها كل».
وقد كانت تلك اللهجات من عهد باكر موضع اهتمام اللغويين، فأخذوا يستقرونها ويميزون الواحدة منها عن الأخرى، ويتبينون فصيحها من غيره، حتى اذا كان بأيديهم من ذلك ما يصلح مادة للتدوين شرعوا يصنفونه في معاجم سموها «اللغات» وهي ما نحاول فهرسته في المسارد الآتية:
[211] اللغات لأبي عبد الرحمان يونس بن حبيب الضبي البصري المتوفى سنة 182 ه.

الصفحة 51