كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

ولكن عمر لم يرض بهذا، وكان ترشيحه للخلافة على غير هوى منه،
حتى قال: كان والله ان اقدم فتضرب عنقي - لا يقربني ذلك من إثم - أحب
إلي من ان أتامر على قوم فيهم أبو بكر (1).
وهنا قام عمر فقال: ابسط يدك يا أبا بكر، فبايعه، وبايعه المهاجرون
والأنصار.
وتمت بيعة الصديق - رضي الله عنه - في السقيفة، ولكنها لم تكن بيعة
عامة، بل كانت خاصة بمن حضر يوم السقيفة، فلما كان الغد الثلاثاء الثالث
عشر من شهر ربيع الأول السنة الحادية عشرة من الهجرة، توجه أبو بكر إلى
المسجد وصعد المنبر، وجلس.
وقام عمر - رضي الله عنه - وتكلم بين يدي أبي بكر، فحمد الله وأثنى
عليه بما هو اهله ثم اقال: ايها الناس، إني قد قلت لكم بالأمس مقالة ما
كانت، وما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهدأ عهده إلي رسول الله-
ع! ي! - (يقصد قوله يوم توفي رسول الله، إن رجالأ من المنافقين يزعمون ا ن
رسول الله قد توفي، وإن رسول الله - ع! م - ما مات. . . . . . إلخ).
قال: ولكني قد كنت ارى ان رسول الله سيدبر أمرنا- يقول: يكون
اخرنا- وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي هدى به الله رسوله -! - فإن
اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له، وإن الله قد جمع امركم على خيركم
صاحب رسول الله، وثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوه، فبايع الناس
ابا بكر بيعته العامة بعد بيعة السقيفة (2).
وبعد أن تمت البيعة العامة، ورضي المسلمون ابا بكر خليفة لرسول -
! ي! - قام في الناس خطيبا، وشرج منهجه في الحكم، وبين طريقته في سياسة
الأمة فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: ايها الناس، فإني قد وليت عليكم
__________
(1) مختصر سيرة الرسول (ص 467).
(2) السيرة النبوية (4/ 1519).
176

الصفحة 176