كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

وتنتهي المحنة، ثم يعود إلى المدينة، ولكن المنية لم تمهله، فمات بطعنة من
ايد اتمة، تولى تنفيذها عبد الرحمن بن ملجم الخارجي في اليوم السابع عشر
من شهر رمضان المبارك سنة اربعين من الهجرة.
وانتقلت الخلافة إلى معاوية بن ابي سفيان - رضي الله عنه - وبالتالي
انتقل مقرها من العراق إلى الشام، او من الكوفة إلى دمشق، وهكذا ظلت
المدينة مسلوبة السلطة، بعيدة عن مسرح السياسة.
1 - الأثر الاقتصادي:
لا شك ان العواصم تكون اكثر من غيرها نشاطا، لما يتوفر لها من
أسباب الانتعاس، فالناس يقصدونها لقضاء مصالحهم، وهناك يبيعون
ويشترون، ويسوقون إليها التجارة طمعا لما فيها من حركة تجارية تفوق
غيرها، ويكثر هناك الأخذ والعطاء ويزيد التبادل التجاري، وتعم الخيرات،
ونتيجة لذلك يزدهر الوضع الاقتصادي للسكان، وينعم الناس بالرخاء.
وهكذا كانت المدينة حين كانت عاصمة للدولة الإسلامية، فقد كانت
الأموال تجبى إليها من أنحاء الدولة، فالزكاة التي هي أحد اركان الإسلام،
يدفعها المسلمون رغبة فيما عند الله من المثوبة والأجر، ثم تاتي الغنائم
والجزية، والخراج والعشور، والضرائب التجارية التي كانت تحصل من التجار
غير المسلمين الذين يقصدون بلاد المسلمين لبيع بضائعهم.
كانت هذه الموارد تحصل من مصادرها، وتصب كلها في المدينة
العاصمة، لتتحول من هناك إلى مشاريع عامة، او مخصصات لأفراد الدولة.
وإذا علمنا أن ما جبي من البحرين في عام واحد بلغ مليون درهم، وان
جزية اهل مصر بلغت ماتتي ألف جنيه وسبعة ملايين جنيه، وان جزية اهل
العراق بلغت ثمانية وعشرين الفا وخمسمائة جنيه، وإذا علمنا ان الخراج
المتحصل من مصر والعراق بلغ 5.616.666 جنيها مصريا، والمتحصل من
الشام 000. 300 جنيه مصري؛ عرفنا ان ما تحصله الدولة من الخراج
19

الصفحة 19