على خوض هذه المعركة، وكلهم امل ان يجدوا فيها العون من الله مثل ما
حدث يوم بدر، بل أكثر مما حصل يوم بدر، لأنهم في هذه المعركة معتدى
عليهم مهاجمون في بلادهم، فلما حصل عكس ما كانوا يأملون كانت الصدمة
شديدة، وكان الجرج اعمق واكثر الما، ولهذا كانت حالة الجيش النفسية في
حاجة ماسة إلى العلاج السريع الحاسم.
ونحن نلاحظ ان جيش احد كان به اربعة اصناف:
الأول: المحرضون على الخروج لقتال العدو خارج المدينة.
الثاني: الفارون من الميدان بعد ان لمسوا تفوق المشركين.
الثالث: المستبسلون في القتال الذين اصابهم القرج.
الرابع: الشهداء الذين بذلوا أرواحهم في سبيل الله.
وقد عالج القرآن الكريم مشكلة كل صنف على نحو يزيل الحرج من
النفوس، ويذهب عنها عقدة الذنب التي كانت تطاردها بعد هذه النهاية
المؤلمة.
فبالنسبة للمحرضين أصدر القرآن الكريم عفوا عاما بصورة مؤكدة حتى
لا يجد الشيطان سبيلا للتسلل إلى نفوسهم، فقال - تعالى -: "ثئم صرفخ
عنئهئم ليتتليكغ ولقذ عفا عنحغ وأدله ذو ف! حل على أئثومنين" (1).
ولا شك ان العفو ممن وقع الخطا في حقه يطمئن النفوس، ويزيل عنها
الحرج، ويرفع عنها الألم الذي تعاني منه نتيجة الخطا.
واما الفارون فقد اصدر لهم عفوا خاصا، لأن الفرار من الميدان في
الإسلام عقوبتها غضب الله - عز وجل - في الدنيا، والعذاب في جهنم يوم
القيامة، قال - تعالى -:
" جمانها ألذتيئ. امنوأ إذا لقيتو ائذتى كفروأ زخفا فلا لؤثوهم أقيبار ا! ب! بم ومن
__________
(1) سورة ال عمران، الاية 152.
191