كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

إلى مكة بهذا النصر الأعرح، بدلآ من ان يعوره بهزيمة تلحق به من الجيش
الذي انطلق خلفه يطارده.
وبهذا العلاح النفسي الرائع هدات النفوس المكتئبة، واطمانت القلوب
المضطربة، وزالت عن المسلمين الآثار السيئة، وأخذوا يستعدون لما
سيقومون به من الأعمال العظيمة لخدمة الإسلام، وما سيكلفون به من الأمور
الجليلة لنشر هذا الدين الذي اكرمهم الله - عز وجل - به، وفضلهم على ساير
العالمين.
2 - غزوة الخندق:
وتلك هى الغزوة الثانية التي هوجمت فيها المدينة عاصمة الدولة
الإسلامية، ولم يكن الهجوم هذه المرة من اهل مكة وحدهم، ولكنه كان
تحالفا اثيما مكونا من يهود خيبر بعد ان انضم إليهم يهود بني النضير
متعاونين مع حلفائهم من غطفان وفزارة، وهؤلاء أتوا إلى المدينة من جهة
الشمال الشرقي، ونقض العهد بنو قريظة، وهؤلاء كانوا من جهة الجنوب،
كما استطاع يهود بني النضير ان يقنعوا قريشا بمشاركتهم في هذا التحالف،
ونزل اهل مكة وحلفاوهم من كنانة واهل تهامة في الشمال الغربي وكان عدد
جيش الحلفاء عشرة الاف مقاتل، ستة الاف من غطفان وحلفائها، وأربعة
الاف من قريش وحلفايها (1).
ووضع هذه الجيوس في اقطار المدينة المختلفة، يدل على أن المدينة
تعرضت لحصار رهيب من الجنوب حيث بنو قريظة، ومن الشمال الشرقي
حيث نزل أهل نجد وغطفان، ومن الشمال الغربي حيث عسكر أبو سفيان
وحلفاء قريش من كنانة والأحابيش واهل تهامة.
ويساند هذه القوى اليهود، يمدونهم بالراي، ويشدون أزرهم بالعون،
ويواسونهم بكل ما يحتاجون إليه.
__________
(1) السيرة النبوية (1029/ 3).
194

الصفحة 194