كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

ووافق عيينة، وعلق الرسول -ع! - التنفيذ على رضا زعماء المدينة:
سعد بن عبادة وسعد بن معاذ- رضي الله عنهما - ولكنا نرى ان زعيمي المدينة
رفضا هذا الاتفاق بعد ان علما أن الرسول إنما فعله رافة باهل المدينة،
وتخفيفا لأعباء الحصار عنهم.
وقال سعدبن معاذ- رضي الله عنه -: يا رسول الله، قد كنا نحن
وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان، لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا
يطمعون أن ياكلوا منها تمرة إلا قرى او بيعأ، افحين اكرمنا الله بالإسلام،
وهدانا له، واعزنا بك وبه، نعطيهم اموالنا؟ والله ما لنا بهذا من حاجة، والله
لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم (1).
ولم تتم الصفقة، ولعل زعيم غطفان ظن بعد ان لم تتم الصفقة ا ن
المسلمين قد أصبح عندهم من القوة ما يغنيهم عن عقدها، فظل مترددأ حتى
وجد الفرصة، فرجع إلى بلاده دون ان يحصل على تمر خيبر كما وعده
اليهود، ولا ان يحظى بصفقة المدينة التي عاس على املها ساعات جميلة.
حرب الإشاعة:
المراد بهذه الحرب التي عرفت في العصر الحديث بالحرب الباردة
توهين العدو، وكسر شوكته، وتفريق كلمته، دون إراقة دماء، او استعمال
للسلاج، وقد استعمل الرسول -بم! ح- نوعين من هذه الحرب: التخذيل
والإشاعة.
فأما التخذيل فهو ما استعمله -! شح - مع غطفان، فعرض عليهم ثلث تمر
المدينة، فسال لعابهم، واشرأبت أعناقهم، وتخاذلوا عن القتال، ولم يعد
عندهم استعداد لخوض معركة، وقد نجح التخذيل فيهم، حيث اصبحوا
مترددين لا يدرون ماذا يفعلون.
__________
(1) السيرة النبوية (3/ 1034).
200

الصفحة 200