واما الإشاعة فقد كانت اشد نكاية على الأعداء، وكان تأثيرها على
تحالفهم أعظم فتكا من السلاح، واقوى تدميرا من المتفجرات، وقد هيئت
للمسلمين وسائلها بتوفيق من اللّه، فبينما المسلمون يعانون من شدة الحصار،
وكثرة الأعداء، هدى الله عز وجل - للإسلام رجلا من غطفان هو نعيم بن
مسعود.
تسلل الرجل خلسة، وذهب إلى الرسول -ع! ي! - وقال: يا رسول الله،
إني قد اسلمت صمان قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني بما شئت.
وأدرك الرسول -عني! - من لهجة الرجل صدق الإيمان، وسلامة
العقيدة، صهاخلاص النية، فقال له: إنما انت فينا رجل واحد، فخذل عنا إ ن
استطعت فإنما الحرب خدعة (1).
وهكذا يعطي الرسول -ع! - الإذن لنعيم - رضي الله عنه - ليعلن الحرب
على الحلفاء، وفتح له الضوء الأخضر ليقوم بهذه المهمة الخطيرة، وكان
القدر قد ساق نعيما في هذه اللحظات الحرجة، ليقوم وحده بعمل تعجز عن
القيام به كتيبة بأكملها.
نعيم يؤدي مهمته على أ كمل وجه:
يمتاز نعيم -رضي الله عنه - بكل المميزات التي تؤهله للقيام بمهمته
على أكمل وجه، فهو رجل حديث الإسلام، لا يعلم بإسلامه أحد، وهو
غطفاني لا تشك غطفان - وهي القوة العظمى - في إخلاصه وولائه لقومه،
وهو نديم قديم ليهود بني قريظة، وصديق حميم لقريش، إذا فهو محل ثقة
من جميع فرق الحلفاء، وموضع تقدير من هؤلاء واولئك.
خطط نعيم للقيام بمهمته، وكان رايده في ذلك قول الرسول -! ح -:
خذل عنا إن استطعت، فإنما الحرب خدعة.
__________
(1) السيرة النبوية (3/ 0 04 1) والحديث رواه مسلم.
1 5 2