وكانت الخطة مبنتة على اساس تفريق كلمة الحلفاء، وتخضيد شوكتهم،
وإثارة الوقيعة بين صفوفهم.
بدا نعيم -رضي الله عنه - بندمائة الأقدمين، فسار إلى بني قريظة،
وذكرهم بما كان بينه وبينهم في الجاهلية، وأخبرهم بأنه جاءهم بخبر ينبغي
أن يكتموه، وانه لهم ناصح أمين.
قال: إنكم لستم مثل قريش وغطفان، فهؤلاء اتوا من بلاد بعيدة يرجون
انتهاز الفرصة، فإن وجدوها انتهزوها، وإلا عادوا إلى بلادهم موفورين،
وخلوا بينكم وبين محمد، ولا طاقة لكم به إن خلا بكم.
فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا رهنا من ساداتهم، يكونون بأيديكم
حتى تتاكدوا من صدقهم ووقوفهم معكم، حتى تستاصلوا الرجل وقومه.
وكان راي نعيم هذا موضع تقدير من قريظة، وأدركوا منه نصحه لهم،
وحرصه على مصلحتهم، وقالوا: لقد اشرت بالراي.
وانصرف عنهم نعيم موليا نحو معسكر قريش، فدخل فيهم، وتحدث
إليهم، وذكرهم بالود القديم القائم بينهم، والصداقة المخلصة التي تربط
بينهم، ومفارقته لمحمد ليظل على دينهم، ثم قال: إني ساسر إليكم أمرا
خطيرا، فعدوني أن تكتموه، فوعدوه بالكتمان.
فقال: إن اليهود ندموا على ما كان منهم من نقض العهد، وأرسلوا إلى
محمد يطلبون الصلح، ووعدوه بأن يقدموا له رجالأ من اشراف قريش
وساداتهم، ورجالأ من أشراف غطفان ليقتلهم، وليكون ذلك برهانا على
صدقهم، وندمهم على فعلتهم.
وقد وافق محمد على ذلك، فإذا أرسلوا يطلبون منكم رهنا من
رجالكم، فلا تدفعوا إليهم منكم رجلا واحدا.
وانصرف عن قريش، وتركهم مشغولين بما قال، يفكرون في هذا