كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

المصير المظلم، الذى يتوفعون من اليهود، وهم معروفون بانهم اهل غدر
وخيانة، وجبن ونذالة.
واتجه نعيم -رضي الله عنه - إلى قومه غطفان، وذكرهم بانهم أصله
وعشيرته، وأحب الناس إليه، واقربهم من قلبه، ثم اخبر بما اخبر به قريشا
من اتفاق اليهود مع المسلمين ومحاولة أخذ الرهائن منهم، وحذرهم عاقبة
موافقتهم، والنزول على رغبتهم.
واختفى نعيم عن الساحة، وبدا الشك يسري في قلوب الحلفاء، ودارت
في رووسهم اسئلة كثيرة كلها تطلب الإجابة السريعة والواضحة، لماذا أذعنوا
لليهود ووتقوا في وعودهم؟ وإذا كان اليهود هم المحرضون والمحركون لهذه
الجحافل الهايلة، فلم يقفون هذا الموقف؟؟ لماذا لا نرسل إلى اليهود نطلب
منهم الدخول في معركة حاسمة مع المسلمين؟؟
إن الموقف يحتم ذلك لنرى هل صحيح ما اخبرنا به نعيم أم لا؟؟؟
اختارت قريش عكرمة بن أبي جهل ليكون رأس وفد من قريش
وغطفان، يرسلونهم إلى اليهود، يطلبون منهم الدخول في معركة حاسمة ضد
المسلمين لينهوا بذلك هذا الموقف.
وكان اليوم يوم السبت، فردت قريظة بان اليوم سبت، ونحن لا نفعل
فيه شيئا، ولسنا مع ذلك بالذين نقاتل معكم محمدا حتى تعطونا رهنا من
رجالكم، يكونون بأيدينا دليلا على صدقكم في مناجزة محمد، فإننا نخشى إ ن
ضرستكم الحرب، واشتد عليكم القتال، أن تنشمروا إلى بلادكم، وتتركونا،
والرجل في بلدنا، ولا طاقة لنا بذلك منه.
لم تفاجا قريش وغطفان بهذا الرد من قريظة، فإن نعيما قد اخبرهم به،
واعتبروه دليلأ على صدقه وإخلاصه ونصحه لهم.
وردوا على بني قريظة، لن نرسل إليكم رجلا واحدأ من رجالنا، فإن
كنتم تريدون القتال، فاخرجوا وقاتلوا.
253

الصفحة 203