كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

وعلمت قريظة ان الذي اخبرهم به نعيم ين مسعود حق (1).
وتخاذل الحلفاء، وتفرقت كلمتهم، وتمزقت وحدتهم، وتمكن الشك
من قلوبهم، وارتابوا في امرهم، فماذا يفعلون إزاء هذا الموقف المتخاذل من
اليهود؟ وماذا يقولون لأقوامهم إذا رجعوا إليهم ولم يحققوا شيئا مما خرجوا
له؟
وعاد نعيم إلى رسول الله -! شي! -
عليه حال الحلفاء من التفرق والاختلاف.
واخبره بما فعل بالقوم، وبما اصبح
الرسول يستطلع أخبار المشركين:
استمع الرسول -! شي! - إلى نعيم بن مسعود، ووقف على الدور الهام
الذي قام به لتفريق كلمة الأعداء، وتمزيق وحدتهم، وسره ما كان من نعيم
واراد ان يقف على اخبار الجيوس المتحالفة، ويعرف تأثير خدعة نعيم في
نفوسهم، فقال: "من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع، أسال الله
-تعالى - ان يكون رفيقي في الجنة " (2).
ولكن الخوف والجوع والبرد قد منع الناس من أن يقوم منهم احد،
وحي! مذ انتدب رسول الله --لخيم - حذيفة بن اليمان، يقول حذيفة: فلم يكن لي
بد من القيام حين دعاني، فقال: "يا حذيفة، اذهب فادخل القوم، انظر ماذا
يصنعون، ولا تحدثن شيئأ حتى تأتينا" (3). .
ذهب حذيفة ليدخل في القوم، ويرى ما فعلت بهم حيلة نعيم، يقول:
فذهبت فدخلت في القوم، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل، لا تقر لهم
قدرا ولا ناراً ولا بناء.
__________
(1) السيرة النبوية (3/ 1042).
(2) السيرة النبوية (1543/ 3).
(3) السيرة النبوية (543/ 3 1).
204

الصفحة 204