كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

اباحوا لعنه، واللعنة لا تجوز إلا على كافر بين الكفر، وكأن هؤلاء حكموا
بكفره بناء على ما وقع في عهده، من قتل الحسين بن علي -رضي الله عنهما-
وقتل اهل المدينة وإخافتهم في معركة الحرة، أو استباحوا لعنه لما جاء في
الحديث الشريف: "من أخاف اهل المدينة ظلما اخافه الله، وعليه لعنة الله
والملائكة والناس اجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلأ" (1).
ومن المؤرخين من احتاط، ومنع لعن يزيد حتى لا يتخذ وسيلة للعن
ابيه -رضي الله عنه - او يتوسع بعض الفسقة، ويلعن بعض الصحابة -رضوان
الله عليهم - وحمل هؤلاء ما وقع من يزيد من التصرفات السيئة على انه تأول
فاخطأ.
ودعم هؤلاء موقفهم هذا بان يزيد تمت بيعته، فاصبح إماما، وإن حدث
ما يفسق به فهو إمام فاسق، وإذا فسق الإمام لا يعزل لمجرد فسقه، وهو
اصح القولين عند العلماء، ولا يجوز الخروج عليه، لما في ذلك من حدوث
الفتنة، ووقوع الفوضى، وسفك الدماء.
وكل واحدة من هذه فيها اضعاف اضعاف ما في فسق الإمام من
المفاسد.
ولا شك أن لكل فريق رايه ووجهة نظره، ولهذا رايت قبل ان اتكلم
عن موقعة الحرة ان أكتب شيئا عن شخصية يزيدبن معاوية من الجهات
المحايدة غير المنحازة، حتى نستطيع بعد ذلك ان نحلل الأحداث، ونقف
على اسبابها وقفة المؤرخ المنصف، لكي يستبين الحق، وتظهر معالم هذه
الصورة التي ما زالت لها روالسب عميقة في نفوس المسلمين.
ترجمة يزيد:
هو يزيد بن معاوية بن ابي سفيان صخر بن حرب بن امية بن عبد شمس.
__________
(1) رواه أحمد في المسند والنسائي في السنن.
208

الصفحة 208