كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

فقال معاوية: سابين لك هذا قبل ان تقومي من مجلسك.
استدعى معاوية ابنه عبدالله، فقال له: لقد بدا لي ان اعطيك كل ما
تطلبه في مجلسك هذا فما حاجتك؟
قال: حاجتي ان تشتري لي كلبا فارها وحمارا فارها.
فقال معاوية! يا بني أنت حمار، ونشتري لك حمارأ؟ قم فاخرج، ثم
قال لأمه: كيف رأيت؟
ثم استدعى يزيد فقال: لقد بدا لي ان أعطيك كل ما تسالني في مجلسي
هذا، فسل ما بدا لك.
فخر يزيد ساجدا، ثم قال حين رفع راسه: الحمدلله الذي بلغ أمير
المؤمنين هذه المدة، واراه فيئ هذا الراي، حاجتي أن تعقد لي العهد من
بعدك، وتوليني هذا العام صائفة المسلمين، وتأذن لي في الحج إذا رجعت،
وتوليني الموسم، وتزيد اهل الشام عشرة دنانير لكل رجل في عطائه، وتجعل
ذلك بشفاعتي، وتعرض لأيتام بني جمح، وايتام بني سهم، وايتام بني عدي.
قال معاوية: مالك ولأيتام بني عدي؟
قال يزيد: لأنهم حالفوني، وانتقلوا إلى داري.
فقال معاوية: قد فعلت ذلك كله، وقئل وجهه، يم قال لفاختة بنت
قرظة: كيف رايت؟ فقالت: يا امير المؤمنين، اوصه بي، فانت اعلم به مني.
يقول ابن كثير -رحمه الله -: وكان يزيد اول من غزا مدينة القسطنطينية،
ثم حج بالناس في تلك السنة (سنة تسع واربعين أو خمسين) بعد رجوعه من
هذه الغزوة من ارض الروم، وقد تبت في الحديث ان رسول الله -ولكر - قال:
"اول جيش يغزو مدينة قيصر مغفور لهم" (1).
__________
(1) رواه البخاري.
215

الصفحة 210