كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

وروي عن أبي بكر بن عياش قال: حج بالناس يزيد بن معاوية في سنة
إحدى وخمسين وثنتين وخمسين وثلاث وخمسين (1).
معاوية يتعهد يزيد بالتربية:
كان معاوية -رضي الله عنه - يتعهد يزيد بالتربية ليعده ليوم سيطلب من
المسلمين فيه البيعة له، ومعنى ذلك ان يزيد سيكون خليفة، وسيتحمل
مسؤولية الأمة، ولكي يصل إلى هذه الدرجة لا بد أن يعد لذلك الإعداد
الصحيح، ومعاوية أدرى الناس بما يتطلبه هذا الأمرمن الإعداد، وهو كذلك
أعلم الناس بما يجب ان يتصف به رجل يتولى قيادة المسلمين.
لهذا فإنه -رضي الله عنه - تعهده منذ صغره، ومنذ توسم فيه ملامح
القدرة على القيام بتلك المهمة الخطيرة، احس معاوية بأن يزيد -وهو لا يزال
حدثا- صاحب شراب، فاراد أن يعظه برفق، ويشعره أنه إنما يأتي أمرا لا
ينبغي ان يطلع عليه الناس، فالإنسان إذا ابتلي بمثل هذه القاذورات يجب ا ن
يستتر، حتى يستره الله، وقد روي في الحديث الشريف "من ابتلي بشيء من
هذه القاذورات، فليستتر بستر الله -عؤ وجل -".
ويروي الطبراني هذه القصة فيقول: كان يزيد في حداثته صاحب
شراب، يأخذ ماخذ الأحداث، فاحس معاوية بذلك، فأحب ان يعظه في رفق
فقال: يا بني، ما أقدرك على ان تصل إلى حاجتك من غير تهتك يذهب
بمروءتك وقدرك، ويشمت بك عدوك، ويسيء بك صديقك.
ورأى معاوية ابنه يزيد يضرب غلاما له، فاراد ان يعلمه كيف يسوس
الأمة، ويخوفه من قدرة الله عليه، ويشعره بأنه -سبحانه - مطلع على عمله،
وعليه أن يراقبه ويخشاه، فقال له: اعلم أن الله أقدر عليك منك عليه.
__________
(1) البداية والنهاية (8/ 229).
211

الصفحة 211