كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

وكما كان هذا موقف ابن عمر -رضي الله عنه - مع بنيه واهله، كذلك
كان له موقف مع زعماء الخارجين على يزيد، وأنكر عليهم خروجهم
ومفارقتهم للجماعة، ونزع ايديهم من الطاعة.
روى البغوي عن زيد بن اسلم عن ابيه أن ابن عمر دخل وهو معه على
ابن مطيع (احد زعيمي الخارجين على يزيد) فلما دخل عليه قال: مرحبا بابي
عبد الرحمن، ضعوا له وسادة.
فقال: إنما جئتك لأحدثك حديثا سمعته من رسول الله -لمجيو- يقول:
"من نزع يدا من طاعة فإنه ياتي يوم القيامة لا حجة له، ومن مات مفارقا
الجماعة مات موتة جاهلية " (1).
وقال أبو جعفر الباقر: لم يخرح احد من ال أبي طالب، ولا من بني
عبد المطلب ايام الحرة (2).
2 - محمد بن الحنفية ويزيد:
وهنا موقف اخر من تابعي كبير من الطبقة الأولى هو موقف محمدبن
علي بن أبي طالب المشهور بابن الحنفية، وكان موقفه من فتنة الحرة موقفا
مشهورا.
فقد راوده عبد الله بن مطيع احد الزعيمين اللذين قادا ثورة أهل المدينة
على أن يخرح على يزيد أو يحرض عليه، أو ببعث أحد ولديه مع الثوار،
ولكنه رفض ذلك كله، وقد سجل الحوار بين ابن الحنفية وبين ابن مطيع ابن
كثير -رحمه الله - على النحو التالي:
مشى عبد الله بن مطيع واصحابه إلى محمد بن الحنفية فارادوه على خلع
__________
(1) رواه مسلم.
(2) البداية والنهاية (233/ 8).
218

الصفحة 218