كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

يزيد فابى عليهم، قال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر، ويترك الصلاة،
ويتحدى حكم الكتاب.
فقال محمد: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته، وأقمت عنده،
فرأيته مواظبا على الصلاة، متحريا للخير، يسال عن الفقه، ملازما للسنة.
قالوا: فإن ذلك كان منه تصنعا لك.
فقال: وما الذي خاف مني او رجا حتى يظهر لي الخشوع، أفأطلعكم
على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان اطلعكم على ذلك إنكم
لشركاوه، وإن لم يكن اطلعكم فلا يحل لكم ان تشهدوا بما لم تعلموا.
قالوا: إنه عندنا لحق، صمان لم يكن رايناه.
فقال: أبى الله ذلك على اهل الشهادة، فقال: " إلامن شحيد بالحق وهتم
يغلمون" (1) ولست من أمركم في شيء.
قالوا: فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك، فنحن نوليك امرنا.
قال: ما استحل القتال على ما تريدونني عليه تابعا ولا متبوعا.
قالوا: فقد قاتلت مع أبيك.
قال: جيئوني بمثل ابي أقاتل على مثل ما قاتل عليه.
قالوا: فمر ابنيك أبا القاسم والقاسم بالقتال معنا.
قال: لو أمرتهما قاتلت.
قالوا: فقمم معنا مقاما تحض الناس فيه على القتال.
قال: سبحان الله!! امر الناس بما لا أفعل ولا ارضاه، إذا ما نصحت
الله في عباده.
قالوا: إذا نكرهك.
قال: إذأ امر الناس بتقوى الله، ولا يرضون المخلوق بسخط الخالق،
وخرج إلى مكة (2).
__________
(1) سورة الزخرف، الاية: 86.
(2) البداية والنهاية (8/ 233).
219

الصفحة 219