كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

فإنه بعث إليهم من يردهم إلى الطاعة، وانظرهم ثلاثة ايام، فلما لم
يرجعوا قاتلهم (1).
ولا يفوت ابن كثير هنا وهو المؤرخ المحايد الناقد ان يوجه لوما لاذعا
ليزيد حيث اباج المدينة بعد المعركة لجنوده، فيقول: وقد كان في قتال اهل
الحرة كفاية، ولكنه تجاوز الحد بإباحة المدينة ثلاثة ايام، فوقع بسبب ذلك
سر عظيم. (2)
ومن الثغرات العميقة الغور في عصر يزيدبن معاوية مقتل الحسين بن
علي -رضي الله عنهما- وقد كان ذلك معولأ شديد الخطر في يد الخارجين
على يزيد، يلوحون به لإثارة الناس ويقوضون به عرش يزيد، ولكن المنصفين
من المؤرخين، لا يحملون يزيد تبعة قتل الحسين -رضي الله عنه - فليس
هناك ما يثبت ان يزيد امر بقتله، وليس هناك ما يدل على ان يزيد رضي بقتله
وباركه، سوى ما نقل عن الروافض الذين غرروا بالحسين، ثم تركوه يواجه
مصيره وحده.
بل الذي اثبته الثقات من المؤرخين المسلمين ان يزيد حزن لقتل الحسين،
ولم يكافىء من حملوا إليه البشارة بقتله، وجاووه براسه، وانه اكرم اهله، ورد
عليهم كل ما فقدوه بل ضاعفه لهم، وشيعهم إلى المدينة معززين مكرمين.
هذا أبو جعفر اين جرير الطبري يقول: لما وضعت الرووس بين يدي
يزيد - راس الحسين واهل بيته واصحابه - قال يزيد:
يفلقن هاما من رجال أعزة ... علينا وهم كانوا اعق واظلما
اما والله يا حسين، لو انا صاحبك ما قتلتك (3).
ويقول: ثم دعا بالنساء والصبيان فاجلسوا بين يديه، فرأى هيئة قبيحة،
__________
(1) البداية والنهاية (8/ 232).
(2) نفسه (8/ 232).
(3) تاريخ الطبري (5/ 460).
221

الصفحة 221