فقال: قبح الله ابن مرجانة ا لو كانت بينه وبينكم رحم او قرابة ما فعل هذا
بكم، ولا بعث بكم هكذا (1).
ثم قال يزيدبن معاوية: يا نعمان بن بشير، جهزهم بما يصلحهم،
وابعث معهم رجلا من أهل الشام أمينا صالحا، وابعث معه خيلا واعوانا
فيسير بهم إلى المدينة.
ثم امر بالنسوة أن ينزلن في دار على حدة، معهن ما يصلحهن،
وأخوهن معهن علي بن الحسين في الدار التي هن فيها، قال: فخرجن حتى
دخلن دار يزيد، فلم تبق من ال معاوية امرأة إلا استقبلتهن تبكي وتنوج على
الحسين، فاقاموا عليه المناحة ثلاثة ايام.
وكان يزيد لا يتغدى ولا يتعشى إلا دعا علي بن الحسين إليه. . . . .
ولما ارادوا أن يخرجوا دعا يزيد عليئ بن الحسين ثم قال: لعن الله ابن
مرجانة، اما والله لو اني صاحبه ما سالني خصلة ابدا إلا أعطيتها إياه،
ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت ولو بهلاك بعض ولدي، ولكن الله قضى
ما رايت.
كاتبني وانه كل حاجة تكون لك، وكساهم واوصى بهم ذلك الرسول،
فخرج بهم وكان يسايرهم بالليل فيكونون امامه حيث لا يفوتون طرفه، فإذا
نزلوا تنحى عنهم، وتفرق هو واصحابه حولهم كهيئة الحرس لهم، وينزل
منهم بحيث إذا أراد إنسان منهم وضوءا او قضاء حاجة لم يحتشم، فلم يزل
ينازلهم في الطريق هكذا، ويسالهم عن حوائجهم، ويلطفهم حتى دخلوا
المدينة (2).
وهكذا يروي الطبري -رحمه الله - ما يثبت ندم يزيد وحزنه على ما كان
من قتل الحسين، ويثبت إكرامه لأهله، مما يدل على انه لم يأمر به.
__________
(1) تاريخ الطبري (5/ 461).
(2) نفسه (5/ 462).
222