كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

ولم يكن الطبري وحده هو الذي يذكر هذا ليزيد، ولكن كذلك راي
المؤرخين الثقات، المحايدين كما ذكرت سابقا، ولنستمع إلى ما رواه ابن
كثير في الموضوع نفسه.
يقول -رحمه الله -: فاما قتل الحسين فإنه كما قال جده أبو سفيان يوم
أحد، لم يامر بذلك ولم يسؤه، ثم يروي عن معمر بن المثنى ان يونس بن
حبيب الجرمي حدثه قال: لما قتل ابن زياد الحسين ومن معه، بعث برووسهم
إلى يزيد، فسر بقتله اولآ، وحسنت بذلك منزلة ابن زياد عنده، ثم لم يلبث
إلا قليلا حتى ندم، فكان يقول:
وما كان علي لو احتملت الأذى، وانزلته في داري، وحكمته فيما
يريده، هان ىن علي في ذلك وكف ووهن في سلطاني، حفظا لرسول
الله -! ي! - ورعاية لحقه وقرابته، ثم يقول: لعن الله ابن مرجانة، فإنه احرجه
واضطره، وقد كان سأله أن يخلي سبيله، او يأتيني، أو يكون بثغرة من ثغور
المسلمين حتى يتوفاه الله، فلم يفعل، بل أبى عليه وقتله، فبغضني بقتله إلى
المسلمين، وزرع لي في قلوبهم العداوة، فابغضني البر والفاجر، بما استعظم
الناس من قتلي حسينا، مالي ولابن مرجانة، قبحه الله وغضب عليه (1).
ومن هذه النماذح نرى ان الاتهامات الموجهة إلى يزيد نوعان: نوع كله
افتراء وكذب، وهو ما نفاه ابن كثير -رحمه الله - من اتهام الرفض له بالزندقة
والإلحاد (2)، هاظهار الفرحة والشماتة باهل المدينة بعد وقعة الحرة (3).
وأما النوع الثاني فإنه وان صح لا يزيد صاحبه عن أن يكون فاسقا، ولا
يبيح أن يعزل صاحبه عن الإمامة، كما أفتى بذلك جمهور علماء
المسلمين (4).
__________
(1) البداية والنهاية (8/ 232).
(2) البداية والنهاية (8/ 232).
(3) نفسه (8/ 233).
(4) نفسه (8/ 232).
223

الصفحة 223