كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

مع ذلك لما يذكره غيره حتى يوافق روايته الثقات، فعندتذ لا باس بأخذ رأيه،
والنظر في وجهة نظره، صمالا طرحت من غير لوم على من يهملها، ولا يجوز
باي حال أن تصاغ بطريقة توهم صحتها، والقطع بما جاء فيها، إلا إذا أراد
مناقشتها وبيان فسادها.
وهذه ستكون طريقتنا في معالجة هذا الحادث المفجع الدامي بمشيئة اللّه.
يجمع المؤرخون على ان أسباب هذه الواقعة هو خروج اهل المدينة
على يزيدبن معاوية ونبذ بيعته، ومبايعتهم لعبدالله بن حنظلة وعبدالله بن
مطيع، ثم يختلفون بعد ذلك في جواز الخروج على يزيد.
ويجتمعون كذلك على أن سبب الخروج عليه هو تلبسه ببعض
المعاصي، وخروجه على ما ألفه المسلمون من ولاتهم وامرايهم، ثم يختلفون
بعد ذلك في الأمور التي تجؤز خروج الرعية على الإمام، وهل ما ارتكبه يزيد
يجيز الخروج عليه أم لا؟
والذي عليه جمهور علماء المسلمين أنه لا يجوز الخروج على الإمام
إلا أن يجاهر بكفر بواج ظاهر لا يحتمل التاويل، عن عبادة بن الصامت
-رضي الله عنه - قال: بايعنا رسول الله -! شي! - على السمع والطاعة في العسر
واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى الا ننازع الأمر أهله،
وعلى أن نقول الحق اينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم.
وفي رواية: وعلى ألا ننازع الأمر اهله، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم
من الله فيه برهان (1) وعلى هذا فالمعصية مهما كانت لا تجيز خلع الإمام ولا
الخروج عليه، يقول رسول الله -! ي! -: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم،
ويحبونكم، وتصلون عليهم، ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم
ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم ".
قال: قلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم عند ذلك؟
__________
(1) متفق عليه.
227

الصفحة 227