كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

حاول الوليد بن عتبة -امير الحجاز من قبل يزيد- أن يفتك بابن الزبير
ولكنه لم يستطع لأنه كان دايما متحصنا ممتنعا، فعزل يزيد الوليد، وولى
مكانه ابن عم له اخر هو عثمان بن محمد بن ابي سفيان، ويصفه ابن كثير بأنه
كان فتى غرا حدثا غمرا لم يمارس الأمور (1).
واختار الأمير الجديد وفدا من اهل المدينة وأشرافها فيهم عبد الله بن
حنظلة، وعبد الله بن أبي عمرو المخزومي، والمنذر بن الزبير، وارسلهم إلى
يزيد في دمشق، وكأنه يريد بذلك أن يظهر ولاء أهل المدينة ليزيد، فلما قدم
الوفد على يزيد اكرمهم، وأحسن إليهم، واعظم جوائزهم (2).
ولكن صنيع يزيد هذا لم يثن أهل المدينة عما عزموا عليه من الخروج
عليه وخلعه، فلم يكد الوفد يعود إلى المدينة حتى اعلنوا عدم ولائهم ليزيد،
وشتموه، وحرضوا الناس على الخروج عليه، وقالوا: قدمنا من عند رجل
ليس له دين؛ يشرب الخمر، وتعزف عنده القيان، وإنا نشهدكم اننا خلعناه.
وصدقهم الناس فيما قالوا، وخلعوا الخليفة، وبايعوا عبد الله بن حنظلة
الغسيل على الموت (3).
كان عبدالله ين عمر بن الخطاب في المدينة المنورة حين خلع اهلها
يزيد، وبايعوا ابن حنظلة فلم يرض عما فعلوا، وأنكر عليهم خروجهم على
الإمام الذي بايعوه (4).
وعلم يزيد بما فعل أهل المدينة، فاحب أن يعذر إليهم، وان يذكرهم
بمغبة ما صنعوا ويخوفهم عاقبة تمردهم وخروجهم على إمامهم، فارسل إلى
النعمان بن بشير الأنصاري فقال له: ائت الناس وقومك فافثأهم عما يريدون،
__________
(1) البداية والنهاية (8/ 216).
(2) تاريخ الطبري (5/ 480).
(3) البداية والنهاية (8/ 216).
(4) البداية والنهاية (8/ 216).
229

الصفحة 229