فإنهم إن لم ينهضوا في هذا الأمر لم يجترىء الناس على خلافي، وبها من
عشيرتي من لا احب ان ينهض في هذه الفتنة فيهلك (1).
وتوجه النعمان بن بشير إلى المدينة، وامر اهلها بالطاعة ولزوم
الجماعة، وخوفهم عاقبة الفتنة، وقال لهم: إنه لا طاقة لكم باهل الشام (2).
فقال عبد الله بن مطيع: ما يحملك يا نعمان على تفريق جماعتنا، وفساد
ما أصلح الله من امرنا؟
فقال النعمان: أما والله لكأني بك لو قد نزلت تلك التي تدعو إليها،
وقامت الرجال على الركب تضرب مفارق القوم وجباههم بالسيوف، ودارت
رحا الموت بين الفريقين، قد هربت على بغلتك تضرب جنبيها إلى مكة، وقد
خلفت هؤلاء المساكين -يعني الأنصار- يقتلون في سككهم ومساجدهم،
وعلى أبواب دورهم (3)!
ولم يسمع الناس نصيحة النعمان، وعصوه، وانصرفوا عنه. يقول ابن
كثير - رحمه الله -: وكان الأمر والله كما قال سواء (4).
الاستعداد للمعركة:
رجع النعمان بن بشير إلى يزيد باخبار أهل المدينة، وانهم لم يسمعوا
له، ولم يرجعوا إلى الطاعة، فغضب يزيد، وأصر على أخذهم بالقوة،
وإرغامهم على الطاعة.
وفهم أهل المدينة من كلام النعمان انها الحرب لا محالة، وعليهم أ ن
يستعدوا لها، وأن يعبئوا الناس لمواجهتها، ووتب أهل المدينة على واليهم
__________
(1) تاريخ الطبري (5/ 481).
(2) تاريخ الطبري (5/ 481).
(3) تاريخ الطبري (5/ 481).
(4) البداية والنهاية (8/ 216).
235