واجه مسلم بجيشه اهل المدينة، ودعاهم إلى السلم ثلاثة ايام، وهم
يابون إلا الحرب، فلما انقضت الثلاث، قال لهم في اليوم الرابع: يا اهل
المدينة، مضت الثلاث، وإن امير المؤمنين قال لي: إنكم اصله وعشيرته،
وإنه يكره إراقة دمايكم، صمانه أمرني ان أوجلكم ثلاثا وقد مضت، فما انتم
فاعلون؟ اتسالمون ام تحاربون؟
فقالوا: بل نحارب.
فقال: لا تفعلوا، بل سالموا، ونجعل جدنا وقوتنا على هذا الملحد
-يعني ابن الزبير - فقالوا: يا عدو الله، لو اردت ذلك لما مكناك منه، أنحن
نذركم تذهبون فتلحدون في بيت الله الحرام (1)؟
راى قائد جيش الشام ان أهل المدينة مصرون على القتال فاستعد
لدخول المعركة.
كيف دارت المعركة؟
عبا مسلم جيشه، وأراد أن يضرب القلب ضربة يشيع بها الرعب في
قلوب اهل المدينة، فوجه الخيل نحو عبد الله بن حنظلة، ولكن عبد الله حمل
على الخيل حملة شديدة حتى انكشفت وتقهقرت حتى ردت إلى مسلم بن
عقبة، فنهض مسلم بمن كان معه من الزجال، وصاج بهم فقاتلوا قتالأ
شديدا.
وجاء الفضل بن عباس بن ربيعة إلى ابن الغسيل، وقال له! مر من معك
من الفرسان فلياتني فليقف معي، فإذا حملت فليحملوا، والله لا انتهي حتى
ابلغ مسلما، فإما ان اقتله، وإما ان أقتل دونه.
فقال ابن الغسيل لعبد الله بن الضحاك الأنصاري: ناد في الخيل فلتقف
مع الفضل بن العباس، فنادى فيهم، فجمعهم إلى الفضل، وحمل الفضل على
__________
(1) البداية والنهاية (8/ 219).
236