فليلزم هذه الراية، فقام إليه كل شجاع يريد الجنة، ويتشوف للشهادة، فقال:
الغدو إلى ربكم فوالله إني لأرجو ان تكونوا عن ساعة قريري عين (1).
اثارت كلمات اين حنظلة الشوق إلى الجنة من نفوس اصحابه، فنهضوا
إلى القتال، وقاتلوا جيش الشام اشد القتال، واخذ عبد الله يقدم بنيه بين يديه
واحدا بعد واحد حتى قتلوا جميعا، وهو يضرب بسيفه ويقول:
بعدا لمن رام الفساد وطغى ... وجانب الحق وايات الهدى
لا يبعد الرحمن إلا من عصى
وقتل ابن حنظلة بعد ان قتل بنوه الثمانية بين يديه (2)، وكذلك قتل معه
اخوه لأمه محمد ين ثابت ين شماس الأنصاري (3).
وقاتل عبد الله ين مطيع حتى قتل هو وبنون له سبعة، وبعث براسه إلى
يزيد (4) وخرج محمدبن سعدين ابي وقاص يقاتل القوم، فلما راى الناس
ينهزمون، اخذ يضرب بسيفه حتى غلبته الهزيمة، وقتل مع من قتل (5).
واستبسل اهل المدينة في القتال، ولولا خيانة بني حارثة، وإتاحتهم
الفرصة لأهل الشام لدخول المدينة من قبلهم لتغير الموقف، ولكان الحال غير
الحال.
مسلم بن عقبة يبيح المدينة:
كانت وقعة الحرة يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من شهر ذي الحجة
63 هـ- 683 م (6) وكانت مدة الإمهال وهي تلاثة ايام قد انتهت، واصر اهل
__________
(1) تاريخ الطبري (5/ 490).
(2) وفاء الوفا (1/ 133).
(3) وفاء الوفا (1/ 133).
(4) نفسه (1/ 9 2 1).
(5) تاريخ الطبري (5/ 491).
(6) تاريخ الطبري (5/ 494).
239