كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

واتجه الأمراء برسائلهم إلى العاصمة الجديدة، وتلقوا منها الأوامر
والنواهي، واصبحوا يدينون للخليفة بالولاء، لم يعد لهم من مصالح دنياهم
في المدينة شيء يلهثون وراءه، او يلحون في طلبه، فانصرفت قلوب أهل
الدنيا عنها، وغاب عنها طابعها السياسي.
وعلى اية حال فإن نقل العاصمة الإسلامية إلى الكوفة او إلى دمشق كان
خطا سياسيا ارتكب في غفلة من التاريخ، وفي ظروف غير طبيعية، ولو أ ن
الخليفة الذي سبق إلى هذه الخطوة كان في ظروف غير طبيعية، لما ترك
المدينة وتحول إلى غيرها، ولكن عوامل الثورة التي أدت إلى قتل عثمان -
رضي الله عنه - تدخلت عن طريق غير مباشر لإقناع الخليفة ان الكوفة انسب
مكان يقيم فيه، حيث الرجال والأموال، واقنعوا الخليفة بذلك ليخلو لهم
الجو حتى يتمموا الغرض الذي قاموا من اجله، ونجحت طريقتهم، واصابوا
الإسلام في مقتل، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
24

الصفحة 24