ذكر أن يزيد قال لمسلم: فمن عاقك عن دخولها، او نصب لك حربا،
فالسيف السيف، لا تبق فيهم، وانهبها ثلاثا، واجهز على جريحهم، واقتل
مدبرهم، وإياك ان تبقي عليهم (1).
وابن كثير يقول: ثم اباح مسلم بن عقبة - الذي يقول فيه السلف
مسرف بن عقبة - قبحه الله من شيخ سوء ما اجهله، المدينة ثلاثة ايام كما امره
يزيد- لا جزاه الله خيرا - وقتل خلقا من أشرافها وقرائها، وانتهب أموالآ كثيرة
منها، ووقع شر عظيم وفساد عريض على ما ذكره غير واحد (2).
ولما ذكر ما قيل من استباحة الفروح، ذكر ذلك بطريقة واسلوب يدل
على أنه غير واثق مما قيل فقال: ووقعوا على النساء، حتى قيل إنه حبلت
الف امراة في تلك الأيام من غير زوح فالله أعلم (3).
2 - نلاحظ أن مسلم بن عقبة -قبحه الله - كان حريصا على تنفيذ وصية
يزيد له كما وصاه بها، كما كان يخشى ان يفعل شيئا لم يامره به، حتى لا
يتعرض لغضبه وعقوبته.
ونلاحظ أن وصية يزيد حددت له ما يباح للجند في هذه الأيام الثلاثة،
وذلك حين قال له: فإن أظهرت عليهم فابحها ثلاثا: فما فيها من مال أورقة-
يعني دراهم - أو سلاح او طعام فهو للجند، فإذا مضت الثلاث فاكفف عن
الناس (4).
وهكذا لم يترك يزيد إباحة المدينة مطلقة حتى يفعل مسلم ما يريد، ولم
يذكر احد حتى ممن حملوا على يزيد، وتحاملوا عليه أنه اوصى بسبي الذرية
أو استباحة الفروج، وكلهم متفقون على انه اوصاه باستباحة الأموال والأنفس
والسلاح والطعام.
__________
(1) وفاء الوفا (1/ 1 3 1).
(2) البداية والنهاية (8/ 220).
(3) نفسه (8/ 221).
(4) تاريخ الطبري (5/ 484).
243