كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

وأرسلت إليه سعدى بنت عوف المزية تقول:
أصحابك الا يتعرضوا لإبلنا بمكان كذا وكذا.
فقال لأصحابه: لا تبدووا إلا بأخذ إبلها أولأ (1).
انا بنت عمك، فمر
موقف مروان من قتلى الحرة:
مروان بن الحكم هوأحد أعمدة البيت الأموي، وهو وإن كان فرعا اخر
من الأمويين، أعني انه ليس من ولد أبي سفيان، إلا أنه ابن عمهم، وقد الت
إليه إمارة الناس بعد انتهاء الفرع السفياني.
وهو الذي جمع الناس على بني امية في أحرج الأوقات، وذلك بعد ا ن
انتشرت دعوة ابن الزبير، ودانت له مصر والعراق والحجاز، وكادت دولة
الأمويين ان تتبدد وتذهب مع الريح، لولا وقفة مروان، واخذه البيعة لنفسه
من اهل الشام كممثل للبيت الأموي الذي كان أهل الشام قد اعطوه ولاءهم
بلا حدود.
ومع أن مروان لم يعفر في الحكم اكثر من شهور، غيرانه استطاع فيها
ان يعيد الحكم إلى البيت الأموي حيث ترك من الأولاد من كانوا جديرين
بحق بقيادة الأمة، وتسيير دفة الأمور فيها، مثل عبد الملك بن مروان واولاده
الذين تولوا زمام الدولة اكثر من ستين عاما.
ومروان هذا أحد الثقاة عند المحدثين، ومن ابرز الأدلة على ذلك رواية
البخاري عنه في صحيحه، وقد ذكرت ذلك لأن الشيعة الذين يبغضون
الأمويين قد قالوا فيه وذكروا عنه ما ينفر المسلمين منه، ويبغضه إلى قلوبهم،
فأحببت ان تكون صورته واضحة امام أعين الباحثين، حتى لا ينخدعوا بأقوال
الرفض المتشيعين.
ولقد كان لمروان -رحمه الله - شهادة صدق لقتلى زعماء الحرة، مما
__________
(1) البداية والنهاية (8/ 220).
250

الصفحة 250