كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

يدل على تالمه لما حصل في هذا اليوم من قتل الصالحين، وإراقة دماء
المسلمين.
فبعد انتهاء المعركة، اخذ مسلم بن عقبة يطوف على القتلى، وبصحبته
مروان بن الحكم، فمزا على محمد بن عمرو ين حزم الأنصاري، وراه مروان
مجندلأ فقال: رحمك الله، فكم من سارية قد رايتك تطيل عندها القيام
والسجود (1).
يقول الطبري - رحمه الله -: وقتل معه محمد بن عمرو بن حزم
الأنصاري، فمز عليه مروان بن الحكم، وكأنه برطيل من فضة - البرطيل معدن
صلب تنقر به الرحا- فقال: رحمك الله فرب سارية قد رايتك تطيل القيام في
الصلاة إلى جنبها (2).
ومر مروان بعبد الله بن حنظلة الغسيل، وقد راه مشيرا باصبعه السبابة،
وقد يبست فقال: لئن أشرت بها ميتا لطالما دعوت وتضرعت بها إلى اللّه
تعالى.
وسمعه رجل من اهل الشام يشهد لهؤلاء الشهداء شهادة الحق، فقال
الشامي: إن كان هو كما تقول فما دعوتنا إلا لقتل أهل الجنة.
فقال مروان: خالفوا ونكثوا (3).
مسلم بن عقبة وعلي بن الحسين وعمرو بن عثمان:
انتهى مسلم من اخذ البيعة ليزيد على النحو الذي ذكرته، وكان علي
زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب في المدينة، ولكنه لم يحضر
مع من بايعوا وكان لعلي بن الحسين -رضي الله عنه - موقف سابق مع
__________
(1) البداية والنهاية (8/ 220).
(2) تاريخ الطبري (5/ 491).
(3) وفاء الوفا (133/ 1).
251

الصفحة 251