كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

فقال: إي والله. فامر بدابته فاسرجت ثم حمل عليا عليها، حتى رده
إلى منزله مكرمالما). ونحن نرى هنا ان مسلم بن عقبة إنما اكرم علي بن
الحسين لوصية يزيد، وتنفيذا لما امره به، ولولا ذلك ما افلت علي من قبضة
مسلم، وما استطاع ان ينجو بنفسه.
وهذا هو ما ذكره المؤرخون الموثوقون، واما مؤرخو الشيعة فإنهم
يروون ان مسلما حين احضر علي بن الحسين، وجلس بين يديه، امتلأ قلبه
رعبا منه، فلم يقتله خوفا مما اصابه من الرعب والفزع (2).
واستدعى مسلم بن عقبة عمرو بن عثمان بن عفان -رضي الله عنه - وكان
عمرو قابعا في المدينة لم يخرج مع بني امية، ولعله كان يرى أن اهل المدينة
على حق، ولعله اراد ان يتخذ عندهم يدا، فظل بينهم، ولم يخرج مع من
خرج من بني أمية.
استدعاه مسلم بعد ان اكرم علي بن الحسين -رضي الله عنه - واظهر
للناس احترامه لوصية امير المؤمنين، فلما حضر عمرو عند مسلم قال: يا اهل
الشام، تعرفون هذا؟
قالوا: لا، قال: هذا الخبيث بن الطيب، هذا عمرو بن عثمان بن عفان
امير المؤمنين، هيه يا عمروا إذا ظهر اهل المدينة قلت: انا رجل منكم، وإن
ظهر أهل الشام قلت: انا ابن امير المؤمنين عثمان بن عفان.
ثم امر به، فنتفت لحيته (3) بين يديه.
يقول ابن كثير -رحمه الله -: وكان ذا لحية كبيرة (4).
__________
(1) البداية والنهاية (8/ 225).
(2) مروج الذهب (3/ 80).
(3) تاريخ الطبري (5/ 494).
(4) البداية والنهاية (8/ 225).
253

الصفحة 253