كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

ذلك من الفتنة ووقوع الهرح كما وقع زمن الحرة (1). وقال: والإمام إذا فسق
لا يعزل بمجرد فسقه على اصح قولي العلماء، بل ولا يجوز الخروح عليه،
لما في ذلك من إثارة الفتنة (2).
ويقول الإمام النووي: لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم، ولا تعترضوا
عليهم، إلا أن تروالا منهم منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام، فإذا رايتم
ذلك فانكروه عليهم، وقولوا بالحق حيثما كنتم.
واما الخروح عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين، وإن كانوا فسقة
ظالمين، وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته، واجمع اهل السنة انه لا
ينعزل السلطان بالفسق.
وأما الوجه المذكور في كتب الفقه لبعض اصحابنا انه ينعزل، وحكي
عن المعتزلة ايضا فغلط من قايله، مخالف للإجماع.
قال العلماء: وسبب عدم انعزاله، وتحريم الخروح عليه، ما يترتب على
ذلك من الفتن، وإراقة الدماء، وفساد ذات البين، فتكون المفسدة في عزله
اكثر منها في بقايه (3).
وعلى هذا يتقرر ان الخروح على الإمام ولو كان فاسقا حرام، ومخالف
لإجماع علماء الأمة كما قال الإمام النووي - رحمه الله - وبناء على ما تقرر
يكون خروح أهل المدينة النبوية على يزيدبن معاوية غير جائز، ويكونون
بذلك مخالفين لما أجمع عليه سدلف الأمة وخلفها.
فإذا أضفنا إلى ذلك ان عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- وهو من
فقهاء الصحابة، ومحمد بن الحنفية وهو من كبار التابعين وخيارهم، وسعيد بن
المستب الذي لزم المسجد النبوي ولم يخرح مع الخارجين، وعلي بن عبد الله
__________
(1) البداية والنهاية (8/ 232).
(2) نفسه (223/ 8).
(3) شرح صحيح مسلم للنووي (باب وجوب طاعة الأمراء).
262

الصفحة 262