كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

قال يزيد: إن فعلوا فلا باس عليهم (1).
وكان مسلم بن عقبة -مع إجرامه وحبه لسفك الدماء- ملتزما بوصية
يزيد، فلم يفاجىء اهل المدينة، ولكنه انذرهم وامهلهم ثلاثة ايام، فلما
انقضت الأيام الثلاثة، حاول ان يقنعهم بعدم الحرب، والدخول في السلم،
ليحقنوا دماءهم، ولكنهم ابوا عليه، واصروا على الحرب (2).
ولما انتهت المعركة، وراح ضحيتها خيار المسلمين بالمدينة، واستقر
الأمر ليزيد فيها، لم يفرج بما ال إليه امر المدينة، ولم يشمت بهم كما روى
مؤرخو الشيعة حين نسبوا إليه قوله متمثلأ بشعر ابن الزبعرى:
ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل
حين حكت بقباء بركها ... واستحر القتل في عبد الأشل
ثم خفوا عند ذاكم رقصا ... رقص الحفان يعلو في الجبل
فقتلنا الضعف من أشرافهم ... وعدلنا ميل بدر فاعتدل
ولكنه حين جاءه روج بن زنباع يبشره بما حل بأهل المدينة من الدمار
والقتل والخراب تألم الما شديدا، وندب القتلى، فقال: واقوماه!!
ثم دعا الضحاك بن قيس الفهري فقال له: ترى ما لقي اهل المدينة،
فما الذي يجبرهم؟
قال: الطعام والأعطية، فأمر بحمل الطعام إليهم، وافاض عليهم
اعطيته (3).
ولم يكن إرسال الجيش والاستعداد للمعركة هو أول ما بدأ به يزيد مع
أهل المدينة ولكنه اعذر قبل ذلك، فأرسل إليهم النعمان بن بشير الأنصاري
الصحابي، ليقنعهم بالعودة إلى الجماعة، والانضمام إلى صف المسلمين،
__________
(1) البداية والنهاية (218/ 8).
(2) تاريخ الطبري (487/ 5).
(3) البداية والنهاية (233/ 8).
264

الصفحة 264