كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

ولا طيف براسه في الدنيا، ولا سبي احد من أهل الحسين (1).
وأما أبو حامد الغزالي -رحمه الله - فسئل عن يزيد: هل يصرج بلعنه؟
ومن يلعنه هل يحكم بفسقه، ام يكون مرخصا له فيه؟ وهل كان مريدا قتل
الحسين -رضي الله عنه - ام كان قصده الدفع؟ وهل يسوغ الترحيم عليه، ا م
السكوت عنه أفضل؟
تنعم بإزالة الاشتباه مثابا.
فاجاب الغزالي بقوله: لا يجوز لعن المسلم اصلا، ومن لعن مسلما
فهو الملعون، وقد قال رسول الله -ع! ير -: "المسلم ليس بلعان" وكيف يجوز
لعن المسلم ولا يجوز لعن البهايم؟ وقد ورد النهي عن ذلك.
وحرمة المسلم اعظم من حرمة الكعبة بنص النبي -ع! مر- ويزيد صح
إسلامه وما صح قتله الحسين -رضي الله عنه - ولا امر به، ولا رضيه، ومهما
لا يصح ذلك منه لا يجوز ان يظن ذلك به، فإن إساءة الظن بالمسلم حرام،
وقد قال - تعالى -: " اخنبوا كثيرا من ألظن إت بغض الظن إثو" وقال النبي -! ر -:
"إن الله حرم المسلم دمه وماله وعرضه، وأن يظن به السوء".
ومن زعم أن يزيد امر بقتل الحسين -رضي الله عنه - أو رضي به،
فينبغي ان يعلم به غاية الحمق، فإن من كان من الأكابر والوزراء والسلاطين
في عصره لو اراد ان يعلم حقيقة من الذي أمر بقتله؟ ومن الذي رضي به؟
ومن الذي كرهه؟ لم يقدر على ذلك، وإن كان الذي قتل في جواره وزمانه
وهو يشاهده، فكيف لو كان في بلد بعيد، وزمن قديم قد انقضى؟ فكيف
نعلم ذلك فيما انقضى عليه قريب من اربعمائة سنة في مكان بعيد؟
وقد تطرق التعصب في الواقعة، فكثرت فيها الأحاديث من الجوانب،
فهذا الأمر لا تعلم حقيقته اصلا، وإذا لم تعرف وجب إحسان الظن بكل
مسلم يمكن إحسان الظن به.
__________
(1) سؤال في يزيد بن معاوية (ص 17).
268

الصفحة 268