كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

اتصل العمران، والتصقت الأبنية، واصبحت قباء حيا من أحياء المدينة،
وسميت قباء باسم بئر فيها اسمه قباء.
ولما جاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - مهاجرا، تلقاه المسلمون بظهر الحرة، عند
وادي العقيق، فاتجه بهم - صلى الله عليه وسلم - إلى الجنوب، حتى نزل بقباء على بني عمرو
ابن عوف، ونزل في دار كلثوم بن الهدم (1).
وأقام فيهم اربعة أيام، أسسى خلالها مسجد قباء، وهو اول مسجد بناه
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصلى باصحابه فيه جماعة جهارا، والظاهر أن رسول الله-
- صلى الله عليه وسلم - لم يتم بناءه، صمانما وضع أساسه، لأن ثلاثة الأيام التي مكثها في قباء لا
تكفي لبناء المسجد، والذي أتم بناءه فيما بعد بنو عمرو بن عوف.
وخط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبلته بعنزة له، وكان جبريل يريه القبلة، حتى
يبني في جهتها، وطلب الرسول من أهل قباء أن يحضروا له حجارة من الحرة،
فجمعوا له احجارا كثيرة، فاخذ حجرا منها فوضعه، ثم قال: يا أبا بكر، خذ
حجرا فضعه إلى حجري، ثم قال: يا عمر، خذ حجرا فضعه إلى جتب حجر
أبي بكر، ثم قال: يا عثمان، خذ حجرا فضعه إلى جنب حجر عمر، ثم التفت
إلى الناس فقال: ليضع كل رجل حجره حيث احب على هذا الخط.
المسجد الذي أسس على التقوى:
كثير من المفسرين وأهل العلم، وعلى رأسهم الإمام البخاري - رحمه
الله - يرون أن الاية الكريمة " ال! جذ أسس! على 1 لئقوى من أؤل ئؤهأحق أن تقوم
فيه" (2) نزلت في مسجد قباء، وهو رأي الجمهور.
وجاء في صحيح مسلم - رحمه الله - ان أبا سعيد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -
عن المسجد الذي اسس على التقوى فقال: "هو مسجدكم هذا".
__________
(1) وفاء الوفا (1/ 4 4 2).
(2) سورة التوبة، الآية: 08 1.
28

الصفحة 28