ونفهم كذلك حرص معاذ ين جبل - رضي الله عنه - على أن لا ينافسه
احد في خير حباه رسول الله به، فإنه يعلم ان صلاته بأهل قباء في مسجدهم
بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كرامة اكرمه بها رسول الله، فلا ينبغي أن يأخذها غيره
او ينافسه فيها منافس، وذلك لكرامة المسجد وعظيم منزلته في قلوبهم.
ويعلي من مكانة المسجد في نفوس المسلمين ان عمر بن الخطاب -
رضي الله عنه - منع مجمع ين حارثة ان يصلي فيه، لأنه صقى بالمنافقين في
مسجد الضرار وهو غلام صغير.
ذكر السمهودي ان عمر ين الخطاب قال لمجمع بن حارثة لما أراد أن
يصلي بالناس في مسجد قباء: كنت إمام مسجد الضرار، فاعتذر مجمع فقال:
يا امير المؤمنين، كنت غلاما حدثا، وكنت ارى أن أمرهم على أحسن ذلك،
وقدموني لما معي من القرآن.
فقبل عمر عذره، فأمره فصلى بهم (1).
2 - مسجد الجمعة:
اقيم هذا المسجد في المكان الذي صلَّى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اول
جمعة بالمسلمين، فبعد ان مكث - صلى الله عليه وسلم - بقباء أربعة ايام على الأرجح، أسس
أثناءها مسجد قباء، انصرف إلى المدينة يوم الجمعة، واتخذ وادي صلب
طريقا له إلى المدينة - وهو المعروف بوادي رانوناء - وبينما هو في بني سالم
ابن عوف، في بطن الوادي، أدركته صلاة الجمعة، فنزل وصلاها بمكان
يسمى الغبيب او القبيب.
واتخذ بنو سالم بن عوف هذا المكان مسجدا لهم، وفي ولاية عمر بن
عبد العزيز على المدينة - رحمه الله - أعاد بناءه ضمن الأماكن التي تأكد لديه
__________
(1) وفاء الوفا (3/ 5 0 8).
39