كتاب المدينة المنورة معالم وحضارة

المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وخاتم
النبيين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه والتابعين لهم بإحسان الى يوم الدين.
أما بعد، فهذا هو الجزء الخامس من موسوعة المدينة المنورة التاريخية،
قصدت فيه توضيح الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية في
المدينة المنورة بعد انتقال مقر الخلافة الى الشام في عهد الأمويين، ثم إلى
العراق في عهد العباسيين، ولئن كان مقر الخلافة يعطي من غير شك امتيازات
كثيرة للمكان، لا يحوزها اي مكان اخر مهما توفرت له أسباب الامتيازات،
فإن المدينة المنورة، قد جمعت بين امتيازات مقر الخلافة، وبين كونها مثوى
الرسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم -، فكانت بذلك مهوى أفئدة المسلمين، ومتطلع ارواحهم،
حتى بعد أن فقدت امتيازات مقر الخلافة.
ولا شك أن المدينة المنورة فقدت مكانتها السياسية والاقتصادية بعد ان
انتقل عنها مقر الخلافة، فتطلعت اعين الناس الى المقر الجديد، يطلبون عنده
الجاه، ويبتغون منه الرزق، ولكنها مع ذلك، ظلت مشرق النور، ومسكن
الأرواح، وقبلة رواد الآخرة، ولئن انصرف الناس عنها يطلبون الدنيا،
وتلهثون وراء حطامها، فانهم في النهاية لا يجدون ارواحهم ولا تستقر
قلوبهم، ولا تهدأ نفوسهم إلا في المدينة المنورة، فهي مهبط الوحي، ودار
الهجرة ومستقر الأنصار الذين آووا ونصروا، وضحوا في سبيل الله بكل غال
ونفيس.

الصفحة 5