كتاب التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه

* * * وفي " ص 200 س 20 " وأنشد أبو علي - رحمه الله - لعروة بن الورد:
لا تَشْتُمِنِّي يا بنَ وَرْدٍ فإنّه ... تَعُودُ على مالِي الحُقُوقُ العَوائدُ
ومَنْ يُؤْثِر الحَقَّ النؤوبَ تكن به ... خَصَاصةُ جِسْمٍ وهو طَيّانُ ماجِدُ
وإنِّي امْرُؤٌ عافِى إنائيَ شِرْكةٌ ... وأنتَ امْرُؤٌ عافِى إنائكَ واحِدُ
أُقَسِّمُ جِسْمِي في جُسُومٍ كثيرةٍ ... وأَحْسُو قَراحَ الماء والماءُ باردُ
هذا من أوهام أبي علي - رحمه الله - وغفلته؛ كيف يُنشد لابن الورد: " لا تشتمني يا بن ورد " وإنما البيت الأول من الأبيات التي أنشد لقيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسي صاحب حرب داحس، يردُّ على عروة وكان بينهما تنافسٌ. وكان قيس أكولاً مبطانا، فكان عروة يعرِّض له بذلك في أشعاره؛ فمن ذلك قوله:
وإني امْرُؤٌ عافِى إنائيَ شِرْكةٌ ... وأنتَ امرؤٌ عافِى إنائكَ واحِدُ
فقال قيس يجيبه:
لا تَشْتُمَنِّي يا بنَ وَرْدٍ فإنَّنِي ... تَعُودُ على مالِي الحُقُوقُ العَوائدُ
أتهزأ مِنِّي أن سَمِنْتُ وقد تَرَى ... بجسمي مَسَّ الحِّق والحَقُّ جاهدُ
وقال محمد بن يزيد - رحمه الله -: إن قوله:
ومن يُؤثِر الحقَّ النؤوبَ.................البيت
ليس لعروة؛ إنما هو لهذا العبسي الذي ردّ عليه. وله يقول قيس بن زهير أيضا:
أَذَنْبٌ علينا شَتْمُ عُرْوَةَ خَالَهُ ... بقُرَّةِ أحساءٍ ويوماً بِبَدْ بَدِ
هَلُمَّ إلينا نكفِك الأمَر كُلَّه ... فعَالاً وإحساناً وإن شئتَ فابعُد

الصفحة 112