كتاب التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه

- رضي الله عنهم - قال مالك: حدثني عروة بن أُذينة قال: خرجت مع جدة لي، عليها مشي إلى بيت الله، حتى إذا كنا ببعض الطريق عجزت، فأرسلت مولى لها تسأل عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - فخرجت معه، فسأل عبد الله - رضي الله عنه - فقال له: مرها فلتركب ثم لتمش من حيث عجزت. وعروة هو القائل أيضا:
قالت وأبثثْتُها وَجْدِي فبُحْتُ به ... قد كنتَ عندي تُحِبُّ الستر فاسْتَتِرِ
ألستَ تُبْصِرُ مَن حَولي فقلتُ لها ... غَطَّي هَواكِ وما أَلقَى على بَصَرِي
* * * وفي " ص 33 س و4 " وأبو علي - رحمه الله - إذا جهل قائل شعر نسبه إلى أعرابي كما أنشد بعد هذا:
وإنِّي لأهْوَاها وأهوى لِقَاءَها ... كما يَشْتَهِي الصادي الشرابَ المُبَرَّدا
عَلاقَةَ حُبٍّ لَجَّ في سَنَن الصِّبَا ... فأبلَى وما يَزْداد إلاّ تَجدُّدَا
وهذا الشعر للأحوص بن محمد، شاعر إسلامي من شعراء المدينة، لم يدخل البادية قط. ولهذا الشعر خبر: وذلك أن يزيد بن عبد الملك لما استهتر بقينتيه وامتنع من الظهور إلى الناس وعن مشاهدة يوم الجمعة، لامه مسلمة أخوه وعذله، فارعوى، وأراد الخروج المراجعة فبعثت سلاَّمة إلى الأحوص أن يصنع شعراً تغني فيه؛ فقال:
وما العَيْشُ إلاَّ ما تَلَذُّ وتَشْتَهِي ... وإن لامَ فيه ذو الشَّنَان وفَنَّدَا
بكيتُ الصِّبا جُهدي فمَن شاء لامَنِي ... ومَن شاء آسَى في البُكاءِ وأَسْعَدَا

الصفحة 27