كتاب التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه

الرداء هنا: السيف. يقول: استنقذهن بسيفه، فكأنه قد وضع به خمراً على رءوسهن، لأنهنّ كنَّ مكشفات الرءوس فاختمرن. ويبيل الدماء، أي يسقط الحبالى أجنتهن فيسيل دماءهن؛ وقال باعث بن صريم اليشكري في مثله:
وخِمارِ غانِيَةٍ شَدَدْتُ برأسها ... أُصُلاً وكان مُنشّراً بشِمالها
وعَقِيلةٍ يَسعَى عليها قَيِّمٌ ... مُتَغَطرِسٌ أَبْدَيْتُ عن خَلْخالها
فقوله: " وخمار غانية شددت برأسها " كقول الأول: " فستَّرن ما كنّ حسَّرنه " وقوله: ".......وكان منشراً بشمالها " إن قيل: لِمَ خصَّ الشمال دون اليمين؟ فالجواب أن اليمين هي التي يستعان بها في العدو، وتُخلى للدفع والذبّ، وهي في ذلك كله أقوى من الشمال: فشمرة الساعي الناجي وحمله لشيء إن حمل إنما يكون بشماله. وهذه المرأة لما شمّرت للهرب حملت خمارها بشمالها. وقوله: أبديت عن خلخالها، أي أغرت على حيِّها فأحوجتها إلى رفع ذيلها. والتشمير: للهرب والفرار؛ وهذا كما قال الآخر:
لعَمري لَنعمَ الحيُّ حَيُّ بني كَعبٍ ... إذا نَزَلَ الخلخالُ مَنْزِلةَ القُلْبِ
أي إذا شمرن للسعي فبدت خلاخيلهن كما تبدو أسورتهن. وقيل: إنه أراد تخففت للنجاء فوضعت خلخالها في يدها كما فعلت تلك بخمارها. وقيل: إنه أشار إلى الدَّهش والحيرة فرقاً، فلم تتجه للبس خلخالها ولا علمت موضعه من موضع سوارها.
* * * وفي " ص 102 س 13 " قال أبو علي - رحمه الله -: العرب تقول: " لا والذي أخرج قابية من قوبٍ " يعنون فرخا من بيضة.

الصفحة 41