كتاب التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه

قال أبو علي: قال أبو العباس ثعلب: وكان الأصمعي - رحمهم الله - ينشده:
فصِلَنّ البَعِيدَ إن وَصل الحَبْلَ
هذا الإنشاد الذي نسبه إلى الأصمعي - رحمه الله - لا يجوز، لأن البيت يكون حينئذ من العروض الخفيف، والشعر من المنسرح، والأصمعي لا يجهل ذلك.
* * * وفي " ص 110 س 8و9 " وأنشد أبو علي - رحمه الله - لرجل من خزاعة:
قد كُنْتُ أَفْزَعُ للبيضاء أُبْصِرها ... من شَعر رَأسِي فقد أَيِقَنْت بالبَلَقِ
ألآن حينَ خَضَبْتُ الرأسَ زَايَلَنِي ... ما كنتُ ألْتَذُّ من عَيْشي ومن خُلُقيِ
وهي أبيات هذا الشعر لأبي الأسود الدؤلي. والدئل من كنانة لا من خزاعة. وكذلك أنشده محمد بن يزيد - رحمه الله - وغيره لأبي الأسود - رحمه الله - وهو ثابت في ديوان شعره. والرواية الجيدة في البيت الأول:
قد كنتُ أرتاعُ للبيضاء في خَلَدٍ ... فالآنَ أرتاعُ للسوداء في يَقَقِ
أخذ هذا المعنى أبو تمام - رحمه الله - فقال:
شَابَ رأسِي وما رأيتُ مَشِيبَ الرأسِ ... إلاّ من فَضْل شَيْبِ الفؤادِ
طَالَ إنكارِيَ البياضَ وإن عُمِّرتُ ... شيئا أنكرتُ لَونَ السَّوادِ
وحسَّنه أبو الطيب - رحمه الله - فقال:
رَاعَتْكِ راعيَةُ البياضِ بعارِضِي ... ولَوَ أنّها الأُولَى لَرَاعَ الأَسْحَمُ
لو كان يُمكِنُني سَفَرتُ عن الصِّبا ... فالشِّيبُ من قَبل الأوانِ تَلَثَّمُ
قال سيبويه - رحمه الله - الدئل في كنانة على وزن فُعل. وهو مثال عزيز. والدؤل في حنيفة. والدِّيل في عبد القيس.

الصفحة 44