كتاب التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه

بن الحارث يطلبون بدمهم ومعهم جيرانهم بنو نهد، فعبَّى عمرو جرما لبني نهد؛ وتعبَّى هو وقومه ابني الحارث؛ فزعموا أن جرما كرهت دماء بني نهد فانهزمت وفُلَّت يومئذ زبيد؛ ففي ذلك يقول عمرو يلوم جرماً:
لَحَا الله جَرْماً كلّما ذَرَّ شارِقٌ ... وُجوهَ كلابٍ هارَشَتْ فازْبَأَرَّتِ
فلم تُغْنِ جَرْمٌ نَهدَها إذ تلاقَتَا ... ولكنّ جَرْماً في اللِّقاء ابْذَعَرَّتِ
فلو أَنّ قومي انطقَتْنِي رماحُهم ... نَطَقتُ ولكنّ الرِّماحَ أَجَرَّتِ
ثم إن عمراً غزا بني الحارث فأصاب فيهم وانتصف منهم وقال:
لمّا رَأَوْنِي في الكَتِيفَة مُقِبلا ... وسَطَ الكَتِيبة مثلَ ضَوء الكوكبِ
واُستيقَنُوا منَّا بوَقع صادقٍ ... هَرَبُوا وليس أَوانَ ساعةِ مهربِ
عَجّت نساءُ بني زيادٍ عَجَّةً ... كعَجِيج نِسْوَتنا غَداةَ الأرنبِ
هكذا رواه الطوسي وغيره. وقد رأيت أبا جعفر محمد بن حبيب البصري أدرج هذا البيت في خبر ذكره فقال: لما جاء نعي الحسين - رضي الله عنه - ومن كان معه قال مروان: " يوم بيوم الحفض المجور " أي يوم بيوم عثمان - رضي الله عنه - ثم تمثل بقول الأسدي:
عجَّت نساءُ بني زُبَيدٍ عَجَّةً ... كعَجِيج نِسْوَتنا غَداةَ الأرنَبِ
قال: وهذا يوم كان بين بني أسد وبين بني الحارث بن كعب ونهد وجرم، فانتفجت لبني الحارث يومئذ أرنب، فتفاءلوا وقالوا: ظفرنا بهم: فظفروا؛ ثم انتصف منهم بنو أسد فقال الأسدي هذا

الصفحة 49