كتاب التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه

هكذا رواه أبو علي - رحمه الله -: فكدت؛ وإنما صحة إنشاده وصوابه:
فقُلتَ وعَيْنِي دمعُها سَرِبٌ هَمْرُ
ألا أيها الركب........الخ.
ولا وجه لرواية أبي علي - رحمه الله - إلا على بعد، وهو حذف الجواب؛ كأنه أراد فكدت أهلك أو نحو ذلك؛ ورواية الناس ما أنبأتك به. وفي الشعر المذكور:
خَلِيليَّ هل يَسْتَخبِر الرِّمثُ والغَضَا ... وطَلْح الكَدَا من بطن مَرَّان والسِّدُْ
قال أبو علي: كذا أنشدناه أبو بكر بن الأنباري - رحمهما الله - كذا بفتح الكاف وقال: هو اسم موضع. قال أبو علي - رحمه الله - وأحسبه أراد كداء فقصره للضرورة. قال: وأنشدناه أبو بكر بن دريد: كُدى بضم الكاف، قال: وهو جمع كُدية. سها أبو علي - رحمه الله - في متن البيت وسها في شرحه، لأنه أنشده: خليليّ هل يستخبر الرمث بفتح الياء لم يختلف عنه في ذلك، والرمث لا يستخبر؛ وإنما هو، هل يُستخبر الرِّمث بضم الياء وفتح الباء، وقال في شرحه: أظنه أراد كداء فقصره للضرورة، وهذا لا يجوز، لأن كداء معرفة لا تدخلها الألف واللام، وكداء هي عرفة بعينها. وكُديٌّ: جبل قريب من كداء؛ قال الشاعر:
أَقْفَرَتْ بعدَ عَبدِ شمسٍ كَدَاءُ ... فكُدَيٌّ فالرُّكنُ فالبطحاءُ
* * * وفي " ص 150 س 3 " وأنشد أبو علي - رحمه الله -:
طِوَالُ الأيادِي والْحَوَادِي كأنّها ... سَمَاحِيجُ قُبٌّ طارَ عنها نُسَالُها
قال أبو علي - رحمه الله - والحوادي: الأرجل التي تتلو الأيدي وتتلوها. لا أعلم أحداً رواه إلا طوال الأيادي والهوادي بالهاء، أي المقادم؛ ولولا أن أبا علي - رحمه الله - فسّر الحوادي لقيل إنه وهمٌ من الناقل، لأنَّ الأيدي إذا طالت طالتْ الأرجل لا محالة، إلا ما يذكر من خلق الزرافة،

الصفحة 53