كتاب التنبيه على أوهام أبي علي في أماليه

وأَبْيَصَ هندِياًّ كأنَّ غِرَارَةُ ... تَلأُلؤُ بَرْقٍ في حَبِيٍّ تَكَلَّلاَ
إذا سُلَّ مِن جَفْنٍ تَأَكَّلَ أَثْرُهُ ... على مِثْلِ مِصْحَاةِ اللُّجَيْنِ تَأَكَّلاَ
فوضع أبو علي - رحمه الله - مكان: وأبيض صولياًّ، وأبيض هنديًّا. والصولي من نعت الدرع، لا من نعت السيف، منسوبة إلى صول: رجل أعجمي يُحسن سردها، أو إلى صول: الموضع المعروف؛ ووضع مكان في حبي تكللا، تأكلا؛ فأتى به من قوله في البيت الآخر:
...........تَأَكَّلَ أَثْرُهُ ... على مِثل مِصْحَّاةِ اللُّجَيْن تَأَكَّلاَ
والتأكل لا يكون في صفة البرق، إنما هو في صفة فرند السيف. والتكلل والانكلال في صفة البرق وهو كالابتسام. والمصحاة: إناء يُشرب به، مُشتق من الصحو تفاؤلا له بذلك.
* * * وفي " ص 219 س 18 " قال أبو علي - رحمه الله -: دخل رجل من الأعراب على رجل من أهل الحضر، فقال له الحضري: هل لك أن أعلمك سورة من كتاب الله تعالى؟ فقال: إني أُحسن من كتاب الله ما إن ملت به كفائي؛ قال: وما تُحسن؟ قال: أُحسن سوراً؛ قال: اقرأ فاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد، وإنا إعطيناك الكوثر؛ فقال له الرجل: اقرأ السورتين، يريد المعوذتين، قال: قدم علي ابن عم لي فوهبتهما له، ولست براجع في هبتي حتى ألقى الله.
هذا تصحيف، وإنما قال الأعرابي حين سأله الحضري فقال: وما تُحسن؟ قال: خمس سور " أُحسن سوراً " ولو لم يتقدم منه توقيت لما طالبه الحضري بقراءة السورتين، فإنه قد كان قرأ له سوراً. وهذا مما وقِّف عليه أبو علي فأبى إلا التزام روايته.

الصفحة 69